الحرية السياسية من أبرز ما تشتمل عليه الديمقراطيات ومن أهم ما تشتمل عليه.

أما الضمانات التي كسبها الشعب في ظل الديمقراطية فهي ضمانات الاتهام، وضمانات التحقيق، وضمانات الحكم، وضمانات التنفيذ. ولنقل كلمة سريعة عن كل منها لنصف بعد ذلك موقف الديمقراطية منها.

أما ضمانة الاتهام فمقتضاها ألا يؤخذ الناس بالظنة, وأنهم لا يحبسون ولا يعتقلون إلا بمقتضى تهمة حقيقية تستوجب ذلك. وليس معناها بطبيعة الحال أن كل من اعتقل أو حبس لا بد أن يكون مجرما بالفعل فقد يظهر التحقيق براءته فيفرج عنه، إنما معناها فقط أنه لا بد أن تكون هناك قرينة أو شبهة حقيقية على الأقل في أنه ارتكب محرما بنص القانون، وليس لمجرد أنه "ضايق" الحكومة بعمل من الأعمال فتنتقم منه بالحبس أو الاعتقال.

وأما ضمانة التحقيق فمقتضاها ألا تستخدم مع المتهم أية وسيلة من وسائل الضغط لحمله على الاعتراف بما لا يريد أن يعترف به, سواء كان الضغط بالتهديد أو بالإغراء "كأن يقال له: إذا اعترفت فسنخفف عنك العقوبة أو سنطلق سراحك، ويكون هذا للإيقاع به أو لاستخلاص معلومات معينة منه"

وأما ضمانة الحكم فهي أن يحكم على المتهم بالعقوبة التي يقررها القانون بلا زيادة، ويكون للمحكوم عليه حق استئناف الحكم ونقضه إذا رأى أنه مجحف به.

وأما ضمانة التنفيذ فهي أن تنفذ العقوبة التي قررتها المحكمة بلا زيادة، ويكون للمحكوم عليه حق الاحتجاج على أي زيادة يرى أنها وقعت عليه بغير وجه حق.

وككل شيء في الديمقراطية لم يحصل الشعب على هذه الضمانات في يسر ولا كانت من مقررات الديمقراطية حين قامت في البدء.

فقد كانت الديمقراطية قائمة -في أول عهدها- والشعب مطارد مضطهد بلا ضمانات تحميه!

كان من حق الشرطة أن تقبض على أي إنسان وتودعه السجن، وكان ذلك في الغالب لإحدى "جريمتين": الفقر أو معارضة الحكومة, فأما الفقر فقد كان يبيح للشرطة القبض على أي إنسان بتهمة "التشرد" وعليه هو أن يثبت ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015