ذاتها موضوعة بحيث لا يمر منها إلا أصحاب الثروات ويعجز عنها الفقراء.
لكي يمنعوا منعا من الدخول إلى البرلمانات وإزعاج أصحاب الأموال بصيحاتهم الكريهة إليهم! ولم ينل الفقراء حق الترشيح إلا بعد جهاد طويل ومرير، فاستطاعوا -بعد دخولهم- أن يعدلوا نظم الضرائب في بلادهم، ويحققوا قسطا من العدالة في المغانم والمغارم سواء.
ولم تكن المجالس النيابية هي وحدها التي تدور فيها المعركة حول الضرائب, فقد كانت الصحافة والخطابة والكتب المؤلفة تشارك جميعا في النقاش والحوار والهجوم والدفاع. وكان من أهم ما قيل في هذا الصدد إن توحيد نسبة الضريبة على الشيء الواحد بين الفقراء والأغنياء هو ظلم بَيّن على الفقراء؛ لأنهم يدفعون الضريبة من قوتهم الضروري الذي لا تقوم حياتهم بغيره، بينما الأغنياء يدفعون من فائض أموالهم، أو من فائض الفائض المتراكم عاما بعد عام! لذلك استحدث في الأخير نظام الضرائب التصاعدية التي تزيد فيها نسبة الضريبة زيادة مطردة كلما زاد الدخل ... فالألف الأولى غير الألف الثانية، والثانية غير العاشرة, فإذا كانت الأولى يخصم منها عشرها ضرائب "عل سبيل المثال" فالعاشرة قد يخصم نصفها أو ثلاثة أخماسها وهكذا.
أما الضرائب غير المباشرة، أي: الضرائب المفروضة على الأشياء المشتراة أو المستخدمة لا على الدخل، فقد كانت وما تزال موضع النقاش في البلاد الديمقراطية؛ لأنه لا يمكن التمييز فيها بين الأغنياء والفقراء لا يمكن مثلا أن يقال: إذا اشترى الغني رغيف الخبز فعليه أن يدفع له ثمنا أكبر مما يدفع الفقير فيه! إنما يقال في الحوار إنه ينبغي إلغاء الضرائب أو تخفيفها عن "الضروريات" ورفعها على "الكماليات" ثم يظل النزاع قائما في تعريف ما هو ضروري وما هو كمالي من الأشياء. ولكن الاتجاه على كل حال يظل مائلا إلى التخفيف عن الفقراء والزيادة على الأغنياء.
وبالنسبة للإنفاق كذلك لم تكن المعركة يسيرة حتى في المجالس النيابية ذاتها. فحين كانت تلك المجالس ممثلة للأغنياء دون الفقراء لم تكن قضايا مثل التعليم الإلزامي ومجانية التعليم تمر على الإطلاق! بل كان "نواب الشعب" "هكذا كان اسمهم على الدوام من البدء إلى الختام" كانوا يعارضون في نشر التعليم حتى يشمل الفقراء من أبناء الشعب, وكانت تدور مناقشات حادة في