وإلى جانب الملوك والنبلاء كانت سلطة الكنيسة ورجال الدين، وكانت منصبة في النهاية كذلك على الشعب. فإلى جانب الخضوع المذل لرجال الدين -وهو حق "مقدس" لهم- كانت هناك الإتاوات والعشور، والسخرة المجانية في أرض الكنيسة, والتجنيد في جيوش الكنيسة التي كانت توجهها لتأديب الخارجين على سلطانها من الأباطرة والملوك.

وهذه المظالم المتراكمة هي التي تفجرت في الثورة الفرنسية، بعد أن هيأ لها في نفوس الأوروبيين الاحتكاك بالمسلمين في الحروب الصليبية وفي اللقاء السلمي بين المسلمين وبين المبتعثين من بلاد أوروبا لتلقي العلم في بلاد الإسلام.

ولكن أوروبا حين تفجرت ثورتها لم تكن في وضع يسمح لها أن تستبدل بالجاهلية التي ثارت عليها دين الله الحق، وشريعته العادلة التي كانت تحكم الأرض من حولها من الشرق والغرب والجنوب؛ لأن الحروب الصليبية وحملات التنفير الديني والثقافي التي قامت بها الكنيسة ضد الإسلام وقفت حاجزا بينها وبين اتخاذ الإسلام عقيدة وشريعة، فارتدت إلى تراثها الإغريقي الروماني تبحث فيه عن حلول مشكلاتها؛ بدلا من أن تلجأ إلى الإسلام1.

ووقع اختيار أوروبا على "الديمقراطية" بديلا من الإقطاع، وكانت هناك عوامل كثيرة ترشح لهذا الاختيار.

فطبقة "الشعب" هي الطبقة المكبوتة المسحوقة، وهي الطبقة الثائرة التي تسعى إلى المشاركة في السلطان ... والطبقة الرأسمالية هي الطبقة الجديدة التي صار المال في يدها بدلا من طبقة الإقطاعيين بسبب انتقال الإنتاج -تدريجيا ولا شك- من إنتاج زراعي إلى إنتاج صناعي بعد اختراع الآلة.. وهذه الطبقة الجديدة تريد أن تنتزع السلطان انتزاعا من الطبقة المالكة السابقة التي كان في يدها السلطان. لذلك كانت الديمقراطية هي اللعبة المناسبة التي توفق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015