هم اليوم الذين ينشرونها على نطاق واسع ليرعبوا بها الأمميين ويوهموهم أنهم يقولون للشيء كن فيكون.. يقرءونها وهم بغير رصيد من عقيدة تحميهم أو قوة تدفع عنهم، فيقولون لأنفسهم: وماذا نصنع نحن أمام هذا المكر الماكر والتدبير الخبيث؟!
كلا! ليس اليهود شيئا من ذلك كله! لا هم أولئك الجبابرة، ولا هم أولئك العباقرة، ولا هم أولئك المخططون العتاة!
ولقد خططوا ودبروا وحاولوا خلال ألفي عام أو أكثر فلم يصلوا إلى شيء مما يريدون.. إنما الذي جعلهم يقدرون في القرون الثلاثة الأخيرة هم الأمميون أنفسهم، بما أتاحوا لهم من ثغرات ينفذون منها، وما أتاحوا لهم من فرص للإفساد.
اليهود لا ينشئون الأحداث ولكنهم يجيدون استغلال الأحداث.
وأحوال الأمميين في القرون الثلاثة أو الأربعة الأخيرة هي التي مكنت لليهود كل هذا التمكين..
يقول الله تعالى عن اليهود في كتابه الكريم:
{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} 1.
فالقاعدة الدائمة بالنسبة لهم هي الذلة المضروبة عليهم:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} 2.
والاستثناء هو التمكين.
وهم اليوم في قمة الاستثناء.. بحبل من الله وحبل من الناس.
فأما الحبل من الله فهو مشيئته سبحانه، التي يجري بمقتضاها كل ما يجري من أمور هذا الكون.. فلو لم يشأ الله لليهود أن يتمكنوا اليوم من رقاب الأمميين ما تمكنوا، ولكنه شاء ذلك سبحانه لحكمة ربما استطعنا فهمها إذا تدبرنا كتابه المنزل، الذي يحوي تفسير مجريات الأمور كلها في الحياة البشرية ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
وأما الحبل من الناس فهذا الذي ينبغي أن نتدبره جيدا لنعرف الحجم الحقيقي للقوة الموهومة "لشعب الله المختار".
قلنا في التمهيد الأول إن الكنيسة الأوروبية أفسدت فحوى "الدين"