وعَوَّدت الجنود الوحشية والإباحية، حتى إذا وضعت الحرب أوزارها عاد آلاف منهم إلى بلادهم فكانوا بؤرة للفساد الخلقي. وأدت تلك الحرب إلى رخض قيمة الحياة بكثرة ما أطاحت من رءوس، ومهدت إلى ظهور العصابات والجرائم القائمة على الاضطرابات النفسية، وحطمت الإيمان بالعناية الإلهية، وانتزعت من الضمير سند العقيدة الدينية. وبعد انتهاء معركة الخير والشر بما فيها من مثالية ووحدة، ظهر جيل مخدوع, وألقى بنفسه في أحضان الاستهتار والفردية والانحلال الخلقي. وأصبحت الحكومات في واد والشعب في واد آخر، واستأنفت الطبقات الصراع فيما بينها. واستهدفت الصناعات الربح بصرف النظر عن الصالح العام، وتجنب الرجال الزواج خشية مسئوليته، وانتهى الأمر بالنساء إلى عبودية خاملة أو إلى طفيليات فاسدة. ورأى الشباب نفسه وقد منح حريات جديدة تحميه الاختراعات من نتائج المغامرات النسائية في الماضي1 وتحوطه من كل جانب ملايين المؤثرات الجنسية في الفن والحياة"..
"لما كان اليوم هو عصر الآلة، فلا بد أن يتغير كل شيء, فقد قل أمن الفرد في الوقت الذي نما فيه الأمن الاجتماعي. وإذا كانت الحياة الجسمانية أعظم أمنا مما كانت فالحياة الاقتصادية مثقلة بألف مشكلة معقدة مما يجعل الخطر جاثما كل لحظة. أما الشباب الذى أصبح أكثر إقداما وأشد غرورا من قبل فهو عاجز ماديا وجاهل اقتصاديا إلى حد لم يسبق له مثيل. ويقبل الحب فلا يجرؤ الشباب على الزواج وجيبه صفر من المال. ثم يطرق الحب مرة أخرى باب القلب أكثر ضعفا "وقد مرت السنوات" ومع ذلك لم تمتلئ الجيوب بما يكفي للزواج. ثم يقبل الحب مرة أخرى أضعف حيوية وقوة عما كان من قبل "وقد مرت سنوات" فيجد الجيوب عامرة فيحتفل الزواج بموت الحب.
"حتى إذا سئمت فتاة المدينة الانتظار اندفعت بما لم يسبق له مثيل في تيار المغامرات الواهية. فهى واقعة تحت تأثير إغراء مخيف من الغزل والتسلية وهدايا من الجوارب وحفلات من الشمبانيا في نظير الاستمتاع بالمباهج الجنسية. وقد ترجع حرية سلوكها في بعض الأحيان إلى انعكاس حريتها