وهل من وسيلة لكسر هذه السيطرة أفعل من أن تعمل المرأة و"تستقل" اقتصاديا عن الرجل؟

لقد عملت المرأة من قبل في المصانع، ولكن الطبقة العاملة كما قلنا لم يكن لها وزن في توجيه المجتمع.. والفساد الخلقي في هذه الطبقة -رغم فائدته الجزئية للمخططين- لا يكفي وحده ولا يؤتي الثمرة المطلوبة، إنما لا بد كما أسلفنا من إفساد الطبقة الوسطى، أداة التوجيه الجديدة في المجتمع الجديد.

ولم يقل المخططون للأمميين بطبيعة الحال إنهم يريدون أن يثيروا الخبال في صفوفهم -بتشغيل المرأة المتعلمة وإبعادها عن بيتها وعن وظيفتها- وما كان من الممكن أن يكشفوا لهم عن لعبتهم ليوقظوهم من غفلتهم، إنما قالوا لهم إنه "التطور"! وإنه تطور "حتمي" وإنه لا بد أن يأخذ سبيله رضيه الناس أم أبوه! أما المرأة فقد قالوا لها إن هذا حقها "الطبيعي" وإنها ينبغي أن تتشبث به ولا تتنازل عنه ولا تتخاذل في الكفاح من أجله.

وأغريت المرأة بكل وسائل الإغراء لكي تهجر بيتها وتخرج إلى "المجتمع"!

قيل لها إن حبسها على وظيفة الزوجية والأمومة ورعاية النشء هو امتهان لها, وإهدار لكرامتها وتعطيل لطاقتها، وهو في الوقت نفسه تعطيل للمجتمع عن التقدم، فما يستطيع المجتمع أن يتقدم ونصفه حبيس وراء الجدران!

وقيل لها إن الرجل هو الذي حبسها على هذه الوظائف أنانية منه، لتقوم على خدمته، ولينفرد هو بأمور "المجتمع"! وإنها منذ هذه اللحظة ينبغي أن تثور على هذا الوضع المهين، وتقف الرجل عند حده، وتفرض عليه احترامها، وتفرض عليه المشاركة في أمور المجتمع.. وإن الوسيلة لهذا كله هو أن تعمل، فإنها حين تعمل تصبح مثله تماما في كل شيء، فيتنازل عن أنانيته وغطرسته ويحترمها!

ولما قيل إن الدين -لا الرجل- هو الذي خصص للمرأة هذه الوظائف ثارت ثائرتها على الدين، وتمنت في قرارة نفسها أن يزول سلطانه على النفوس، لتتحرر هي وتأخذ مكانتها التي تصبو إليها.. وبذلك جندها الشياطين لمحاربة الدين، تحاربه لحسابها الخاص، فتحاربه بحماسة، وتحاربه بإخلاص! فيتحقق للشياطين ما يريدون من إبعاد "الأم" عن الدين، لضمان تنشئة الأجيال المقبلة بعيدا عن حماه..

وفعلت اللعبة الخبيثة فعلها، وسرت كالسم في دماء الأمميين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015