{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} 1.
{أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} 2.
ثم ... أيهما أكثر كرامة؟!
من يعبد الله الحق، ويتحرر -من ثم- من عبادة الأرباب الزائفة كلها، ويستعلي عليها، ويحس بوجوده الإيجابي تجاهها، سواء كانت بشرا طاغين في الأرض بغير الحق، أو كانت "قوى" مادية أو معنوية، أو كانت "حتميات" زائفة كالحتمية المادية أو الحتمية الاقتصادية أو الحتمية التاريخية، أو كانت أهواء وشهوات ذاتية. أم من يعبد هذه الأرباب الزائفة المتفرقة ويخضع لسلطانها فتستعبده بذلك السلطان؟!
ثم ... أيهما أكثر كرامة؟!
من يعبد الإله الذي يكرمه ابتداء ويمنحه الوجود ويمنحه المكانة العالية.
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} 3.
أم من يعبد الآلهة التي تستعبد أصحابها فتذلها وتسلبها الإرادة وتسلبها الوجود؟
ذلك أمر "النفس" مع عقيدة التوحيد.
الاستبصار والأمن والكرامة وتوحد الهدف وتوحد الطريق.
وإن النفس التي تعبد الله الحق، وتطمئن بذكره وعبادته، وتعرف دليل رحلتها على الأرض، من أين وإلى أين، لتتوحد طاقتها وتترتب ذراتها كما تترتب ذرات الحديد في قطعة المغناطيس، فتصبح طاقة كونية هائلة بدلا من أن تصبح بددا ضائعا في التيه.
أما الحياة البشرية -حياة المجموع البشرى- فميزانها كذلك هو التوحيد.
من الذي يرسم للبشرية منهج الحياة؟ من الذي يقول هذا حلال وهذا حرام؟ هذا مباح وهذا غير مباح؟ هذا حسن وهذا قبيح؟ هذا طيب وهذا خبيث؟!