أما في حالة الهدى فيعبد الناس الله وحده بلا شريك، ويتبعون أوامره ونواهيه، أي: يحكمون بما أنزل الله.
ويختلف الأمر اختلافا بينا ما بين هذه العبادة وتلك, أمر النفس وأمر الحياة سواء.
فأما النفس فما أبعد الفارق بين أن تعبد الوهم وأن تعبد الحقيقة!
{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ، وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ، وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ، وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ} 1.
هل يستوي من يخبط في الظلمات خبط عشواء يبحث عن شيء يظنه ظنا ولا وجود له في الحقيقة، ومن يمشي على النور إلى وجهة يعلمها ويتوخاها ويسير قاصدا إليها؟.
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 2.
أيهما أضبط حركة وأيسر مسيرا؟!
أيما أروح نفسا وأكثر طمأنينة؟!
ثم إن النفس البشرية في رحلتها على الأرض لتواجه أسئلة ترد -لا محالة- على الفطرة وتطلب الجواب.
من خالق هذا الكون؟
من أين جئنا؟
إلى أين نذهب بعد الموت؟
من يدير الكون وينشئ الأحداث؟
لأي شيء نعيش؟
أفمن يملك دليل الرحلة يدله إلى معالم الطريق أهدى أم من يخبط خبط عشواء بلا دليل؟
أيما أضبط حركة وأيهما أكثر أمنا وطمأنينة؟!
ثم أيهما أضبط حركة وأكثر طمأنينة.... من له غاية موحدة يهدف إليها يحدوه حاد واحد إليها، أم من له غايات متعددة متضاربة يحدوه إليها حداة مختلفون كل يدعو إلى طريق؟