أن يتعارفا لتدوم المودة؟ أم تريدون أن يؤتى له بفتاة لم يرها قط إلا ليلة الزفاف، رأتها أمه أو أخته، فأعجبتها، أما هو فلا يعرف شيئا عن شكلها ولا طباعها ولا ثقافتها ولا نظرتها للأمور؟!

وهي؟ أليس من حقها أن تعرف شريك حياتها وتشارك في اختياره؟ أليس من الظلم أن تباع بيعا إلى رجل لا تعرفه قبل اللحظة؛ لأنه أعجب أباها أو أخاها، أو كان صاحب مال وجاه، وقد يكون فظا قاسيا لا قلب له؟ أليس من الأفضل أن تتعرف إليه عن طريق الصداقة.. الصداقة البريئة.. التي تكشف عن الطبائع وتؤلف الطباع؟!

ثم بدأت" البراءة" تذهب رويدا رويدا عن الاختلاط.

بدأت تقع حوادث مشينة.. أي: كان ينظر إليها في ذلك الحين على أنها مشينة!

وانبرى المدافعون يدافعون عن الاختلاط. إنه ليس هو السبب فيما حدث!

إنما هي التجربة الجديدة لا بد أن يكون لها ضحايا! إنها تجربة "التحرر"..

تحرر الفتى والفتاة كليهما من القيود العتيقة والتقاليد البالية.. والفتاة بصفة أخص، فقد كانت هى التي يقع عليها عبء هذه التقاليد البالية.. فإذا وقعت هنا أو هناك حادثة مشينة فذلك رد الفعل للكبت الطويل الذي كان الشباب يعيش فيه، وللقيود الظالمة التي كانت تعيش فيها الفتاة بصفة خاصة، فلا ترفعوا عقيرتكم أيها المتزمتون تستغلون هذه الحوادث الفردية وتضخمونها فوق حقيقتها! إنها نزوات طارئة، وسرعان ما تهدأ الأمور وتستقيم حين يصبح الاختلاط شيئا عاديا في المجتمع، وتزول آثار الكبت الماضية، وآثار التقاليد البالية التي سجنت الفتاة طويلا داخل الجدران، وجعلت التجربة الجديدة -تجربة التحرر- تبهرها فتزل من أجل ذلك بعض الأقدام! لا بد أن نرعى التجربة الجديدة، ونوجهها بالحسنى إلى الطريق القويم، بدلا من هذا الصياح الفارغ الذي يتصايح به المتزمتون!

ويمضي الزمن في طريقه فتتكاثر الحوادث المشينة، ويخفت صوت المدافعين عن الاختلاط البريء، فَقَدْ فَقَدَ براءته ولم يعد من المقبول ادعاؤها ولا من الممكن تصديقها!

ولكن.. فلتذهب تلك البراءة إلى غير رجعة! هل كنا نريدها حقيقة أو ندافع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015