مزدراة، تنظر إليها كلتا الطبقتين العلويتين: الطبقة الوسطى والطبقة الأرستقراطية نظرة ازدراء وتعال فلا تنتقل منها العدوى إلى غيرها مهما بلغت هي في ذاتها من التبذل والفساد..

ولقد كان المطلوب بالذات هو إفساد الطبقة الجديدة الناشئة في المجتمع الرأسمالي، التي تسير الأمور -ظاهريا على الأقل- في ذلك المجتمع الجديد، وهى الطبقة المتوسطة.

لقد كانت الديمقراطية الناشئة في المجتمع الرأسمالي الناشئ تنمو تدريجيا، وكانت في أثناء نموها تبرز بصورة متزايدة هذه الطبقة الجديدة: الطبقة المتوسطة، التي لم يكن لها وجود في المجتمع الإقطاعى، أو كان وجودها ضعيفا لا يؤبه به.

وفي ظل الديمقراطية كانت هذه الطبقة الجديدة تناضل لكي تصبح هي الطبقة الحاكمة، وتنزع السلطان من الذين استقلوا به من قبل, وطغوا به على "الشعب" وهو الأغنياء أصحاب الأموال1.

كانت المجالس النيابية تتجه رويدا رويدا أن تكون غالبيتها من هذه الطبقة، وكان منها معظم موظفي الدولة في صورتها الجديدة، من الموظف الناشئ إلى وكلاء الوزارات والوزراء، وكان منها بصفة عامة الطبقة المثقفة التى توجه أفكار المجتمع وتحدد له اهتماماته واتجاهاته الفكرية والسياسية والخلقية والفنية.. إلخ2، وكان منها بصفة خاصة مدرسو المدارس وأساتذة الجامعات، أي: جهاز التربية والتشكيل للمجتمع الجديد..

باختصار كانت هي الأداة الجديدة للحكم في ظل الديمقراطية الرأسمالية، أيا كان المستفيد الحقيقي من هذه الأداة.

لذلك كان لا بد في تخطيط المخططين من إفساد هذه الطبقة بالذات، فإن فساد الطبقة الأرستقراطية وطبقة العمال -مع فائدته التي لا شك فيها بالنسبة لليهود- لم يكن ليؤدي الدور المطلوب في إفساد المجتمع الجديد الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015