لا تستنكر النزوة في ذاتها، ولا تعترض عليها لو كانت مع رجل أو شاب من "طبقتها"1!
{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكًَا وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ، قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} 2!
ولقد كانت هذه الطبقة في أوروبا تحت تسلط اليهود من قديم كما مر بنا من قبل، ييسرون لها البغاء المترف في المدينة، ويوقعونها في الدين والربا ذي الأضعاف المضاعفة، ويسلبون ثرواتهم عن هذا الطريق.
ثم سنحت لهم الفرصة لإفساد طبقة أخرى من طبقات المجتمع حين تحرر عبيد الإقطاع وجاءوا إلى المدينة شبابا فارها بلا أسر، فيسرت لهم البغاء الشعبي ووضعت "الدولة" حارسة أمينة عليه! وزادت الفرصة سنوحا لإفساد هذه الطبقة -طبقة العمال- حين بدأت المرأة التى هجرها عائلها في الريف تفد للعمل في المصانع, وتفرط في عرضها لقاء لقمة الخبز، فصار الفساد في داخل الطبقة قريب المنال.
ولكن هذا وذاك لم يكن كافيا، ولم يكن ليحقق مطامع اليهود في المجتمع الجديد "المجتمع الصناعي المتطور".
إن "الأرستقراطية" -سواء الأرستقراطية الإقطاعية البائدة أو الأرستقراطية الرأسمالية الناشئة- لا تستطيع -بفسادها- أن تفسد المجتمع كله، لأنها -دائما- معزولة في قصورها وحفلاتها الماجنة الخاصة، تحتمي في داخل تلك القصور من العيون المتطلعة، وتمنع عدواها في الوقت ذاته عن الناس؛ لأن جرثومتها "طبقية" لا تعمل إلا داخل القصور ولا تعدي إلا أصحاب القصور!
أما إفساد طبقة العمال -وإن كانوا عددا غير قليل ويتزايد على الدوام- فلم يكن يومئذ ليفسد المجتمع الجديد؛ لأنهم -بعد- طبقة محتقرة