إنها حبيسة التقاليد! إنها حبيسة القيود الطويلة التى غللتها خلال القرون! إنها ما تزال غير واثقة في نفسها، من تأثير السلطان الطويل الذي مارسه الرجل عليها وأذل به كرامتها! إنها خائفة.. لأنها متأثرة بتقاليد المجتمع الزراعي المتأخر! إنها لا تريد أن تعيش عصرها، الذى حررها من القيود وجعلها مساوية للرجل..إنها.. إنها.. إنها..!

وفي الوقت ذاته جردوا حملات التشجيع لكل فتاة خلعت حياءها وأصبحت قليلة الحياء.. فالمجلات تنشر الصور، وتشيد "بالتحرر" وتكتب التعليقات التي تجعل كل فتاة تتمنى أن لو استطاعت من لحظتها أن تتجرد من حيائها كله لتصبح شهيرة ومعروفة وموضع حديث بين الناس.. والشهرة شهوة لا ينجو من جذبها أحد من البشر -رجالا أو نساء- إلا من رحم ربك، وقليل ما هم! وبصفة خاصة شهوة نشر الصورة بوسيلة من وسائل الإعلام.. فكيف إذا كانت الفتاة جميلة؟ والشياطين يبدءون دائما بالجميلات!

ومع كل ذلك فقد استغرق الشياطين قرابة نصف قرن حتى أذابوا أو أزالوا البقية الباقية من الحياء، كما أزالوا البقية الباقية من الدين والأخلاق والتقاليد.

امتد الاختلاط البريء كما كان متوقعا من حجرة الدرس إلى فناء الجامعة.

على استحياء أول الأمر.. لا تنفرد فيه فتاة وحدها مع فتى بمفرده، حتى لا تضيع سمعتها بين الفتيات أنفسهن قبل الشبان.. ثم تقدمت "أجرأ" الفتيات، أي: أقلهن حياء فقبلت دعوة أجرأ الشبان إلى الوقوف أو المسير معها لحظة منفردين في الفناء, ولكن في غير عزلة عن الجموع، وفي أدب ظاهر للجميع.

وما هى إلا أن يتعود الطلاب المنظر -والنفس تتبلد على المنظر المكرور حتى تفقد حساسيتها له, ما لم تكن تصدر عن عقيدة حية وإيمان حي بقيم ومثل مضادة- ما هي إلا أن يتعود الطلاب حتى يتكرر المنظر بين أزواج متعددين من أجرأ الفتيات وأجرأ الفتيان، حتى يصبح الأمر عاديا وميسرا لا يحتاج إلى "جرأة" فيقتحمه كل فتى وتقتحمه كل فتاة!

وحين يصبح الجميع كذلك أو الأغلبية فلا بد -في طبائع الأشياء- أن يخطو الأمر خطوة جديدة إلى "الأمام"!

إنه -لهذا- جعل الله معيار الخيرية في أية أمة هو الأمر بالمعروف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015