ألا ترون أن صورة المرأة في حس الرجل -لأنها بعيدة عنه- هي صورة الجنس؟ وأن صورة الرجل في حس المرأة -لأنه بعيد عنها- هي صورة الجنس؟ فإذا التقيا في هذا الجو الطاهر البريء.. جو العلم والقضايا الفكرية والإنسانية والاجتماعية، كف الرجل عن النظر إلى المرأة على أنها "أنثى" وفكر فيها على أنها "امرأة" أنها إنسانة.. أنها شريكة في أمور الحياة, وكفت المرأة كذلك عن التفكير في الرجل على أساس الجنس والعلاقات الجنسية، ورأت فيه الزميل والشريك والإنسان.
أي تهذيب للجنس أشد من ذلك التهذيب؟!
وابتلع "الأمميون" الكأس المسمومة ... وشربوها حتى الثمالة!.
ولا شك أن الأمميين ما كانوا ليدركوا أبعاد اللعبة بكاملها.. وإلا فإن البقية الباقية من الدين والأخلاق والتقاليد كانت قمينة أن تردهم عن الخوض في المستنقع الآسن لو رأوه على حقيقته منذ أول خطوة، مع كل المعركة القائمة ضد الكنيسة, ومع كل الوهن الذي أصاب الدين في نفوسهم, فإن الفطرة ذاتها لتنفر من المستنقع الآسن حين تكون فيها بقية من بقايا السلامة أيا كان مقدارها ... ولكنها لا تعود تنفر منه، بل تستعذب البقاء فيه إذا غرقت فيه بالفعل وفقدت كل سلامتها ولم يبق لها منها شيء، وتصبح كدودة الأرض التي تعيش في الطين العفن, إذا أمسكت بها لتخرجها أفلتت منك وزادت لصوقا بالطين!
وكذلك سار الشياطين بالأمميين، يجرونهم خطوة خطوة حتى أغرقوهم في المستنقع الآسن وجعلوهم يستعذبون البقاء فيه!
احتدمت المعركة كثيرا بالنسبة لدخول الفتيات في الجامعة ... ولكن النهاية كانت كما كان متوقعا -من سير الأحداث- أن تكون.
دخلت فتيات قليلات في مبدأ الأمر إلى الجامعات معظمهن في كليات الآداب ... وكن بلا شك هن أجرأ الفتيات في ذلك الحين.
وسارت الأمور سيرا "طبيعيا" لفترة من الوقت، فما كان من الممكن تحطيم التقاليد دفعة واحدة، وما كان المخططون أنفسهم يرغبون في العجلة -مع لهفتهم الأكيدة في الوصول إلى النتيجة- فقد كانوا يعلمون أن العجلة تفسد اللعبة بأكملها، وتثير التوجس، وتصدق ظنون المتشككين، وتؤيد دعاوى "المتزمتين" الذين قالوا من أول لحظة إن دخول الفتاة الجامعة نذير شر عظيم يحل بالمجتمع.