وقليل قليل من يتعلمن في المدارس، أكثرهن يتوقفن عند مرحلة ابتدائية.
وقليلات يتعلمن فن التدريس أو فن التمريض.
أما التعليم بمعناه العام فلم يكن يخطر على بال أحد من الرجال -ولا النساء- يومئذ أنه في يوم من الأيام يكون!
وما حاجة المرأة إلى التعليم؟ وما حاجتها إلى العلم؟ إنما هي لتتزوج وتحمل وتلد وترضع، وتكون ربة بيت1.
ولكن "القضية" المشتعلة مدت لسانا من اللهيب نحو هذا الميدان فاشتعل بنيران المعركة، واتسعت القضية -التي كانت في أساسها قضية المساواة مع الرجل في الأجر- فشملت في كل يوم أبعادا جديدة لم تكن لها من قبل، وترتب على هذه التوسعة الجديدة آثار خطيرة لم تكن في بال أحد من قبل على الإطلاق.
هل كان في بال المخططين أنفسهم كل هذه الأبعاد وما يترتب عليها من آثار؟!
ربما لم يكن ذلك كذلك!
ولكن كل خطوة كانت تقربهم إلى أفق جديد يكتشفون أنهم يستطيعون منه إحكام الرمي، أما الهدف فواضح لهم من أول لحظة، وهو تحطيم الدين والأخلاق والتقاليد، وأما الوسائل فهي كل الوسائل المتاحة في كل لحظة، حتى تتاح وسائل جديدة فتستخدم على التو!
ولقد أتاح لهم استخدام قضية التعليم وسائل هائلة جدا لتحقيق الهدف المطلوب، ربما لم تكن كلها في حسبانهم يوم بدءوا "اللعبة" ولكن كل خطوة كانت تكشف لهم الإمكانيات المتاحة للخطوة التالية فيسارعون إلى التحضير لها حتى إذا جاءت كانوا هم حاضرين!
كانت قضية التعليم من أشد القضايا إثارة للمعارضة في المجتمع الأوروبي الجاهلي.. وكانت عنجهية الرجل فيها على أشدها, فقد كان التعليم خلال قرون طويلة حقا للرجل وحده، لا تنازعه فيه المرأة ولا ينبغي لها أن تنازعه فيه.
وصيغت خلال القرون "نظريات" حول عقل المرأة وقابليتها للتعلم، خلاصتها أن المرأة لا يمكن أن تتعلم! هكذا خلقها الله! لا تصلح أساسا للتعليم! لا تفهم! إلا تلك الأشياء الصغيرة التافهة التي تناسب عقليتها