حقيقته في الواقع الخارجي "أي: خارج دائرة الصحافة"، حتى يخيل للقارئ أن الرأي المعارض قد خفت بالفعل، وأن الرأي "المطلوب" أصبح هو الرأي الغالب. وعندئذ تخفت المعارضة بالفعل بتأثير هذا الإيحاء ويتغلب الرأي المطلوب، ويقال إن "الرأي العام! " قد اقتنع بالقضية وأصبح من المتحمسين لها! وترفع المرآة الزائفة أمام الناس فيظن كل واحد أن الآخرين كلهم قد اقتنعوا ولم يبق مترددا أو معارضا إلا هو! فيقتنع هو الآخر بالإيحاء!

وتبقى -دائما بطبيعة الحال- قلة صلبة في معارضتها تأبى أن تذوب سواء كانت معارضتها ناشئة عن إيمان حقيقي بمبدأ معين أو حقيقة معينة، أو لأي سبب آخر, وهذه يجري التخلص منها بصورة من الصور، إما بمحاولة الشراء، وإما بتشويه السمعة, وإما بالتصفية البدنية إذا لم تفلح جميع الوسائل في ثنيها عن موقفها!

وهكذا ارتفعت صيحات المعارضة في كل مرة طولب للمرأة فيها بحقوق جديدة، ثم لانت المعارضة أو لينت، وخفتت الأصوات بعد حين، وبقي الرأي "المطلوب" وحده مرتفع الراية في الآفاق، وقيل إنه "التطور الحتمي" الذي لا بد أن يأخذ مجراه، وإن عجلة التطور ستسحق كل من يقف لها في الطريق!

دخلت المرأة البرلمان لعبة مسلية أكثر مما هي واقع جدي! ولم يتغير كثيرا حال المرأة بهذه اللعبة من ناحية "الحقوق" المطلوبة، ولكنها -من وجوه أخرى- تغيرت كثيرا ولا شك!

كانت "القضية" في أثناء ذلك قد سارت مسارات شتى، وطرقت أبوابا جديدة.

طالبت المرأة -أو طولب لها- بحق التعليم.

وقد كان تعليم المرأة في المجتمع الجاهلي الأوروبي يتم في أضيق الحدود.

فأما أصحاب القصور فيعلمون بناتهم في داخل قصورهم فيأتي المربون والمربيات والمعلمون والمعلمات إلى داخل القصر فيعلمون البنات تعليما "أرستقراطيا" يصنع منهن "سيدات قصور"!

وأما "الشعب" فلا يكاد يعرف هذه القضية، قضية تعليم البنات, فإنما يتعلمن -داخل البيوت- إدارة البيوت وفنون الطهي وتربية النشء، وتربية الدواجن والماشية والغزل والنسيج اليدوي وما إلى ذلك من فنون المعاش.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015