عدالة ... والمتصارعون كلهم كانوا يعيشون في جاهلية ترفض أن تحكم شريعة الله. وقد تكون بعض الأمور أو بعض الوجهات في هذه الجاهلية أعدل من بعضها الآخر، ولكنها في النهاية تبتعد عن حقيقة العدل؛ لأنها تصلح داء بداء آخر، وتعالج مرضا فتحدث عدة أمراض! فلئن كان المدافعون عن "حقوق المرأة" يبدون أكثر عدلا من الذين يحتقرونها ويهينونها ويستكثرون عليها أي حق من الحقوق، فإن الصورة التي نالت بها حقوقها قد أحدثت من الفساد والظلم ما لم يكن يخطر على بال!
ومرة أخرى لا نحب أن نتعجل الأحداث!
طالبت المرأة بحق الانتخاب الذي كان الرجل قد حصل عليه, ومن ثم أصبح للقضية بعد جديد -بعد سياسي- بعد أن كانت مجرد قضية مساواة في الأجر. ورفض طلبها بشدة في أول الأمر، ثم عادت المعارضة فلانت، وحصلت المرأة في معظم دول أوروبا على حق الانتخاب.
ولكنها وجدت أن الأصوات الضئيلة التي تدلي بها في الانتخابات ليس لها وزن حقيقي في المعركة الانتخابية، وحتى إن أثرت تأثيرا جزئيا طفيفا في إنجاح مرشح معين، ممن يتعهدون -أو يكونون معروفين- بالتحمس لقضية المرأة والدفاع عنها في المجالس النيابية، فسرعان ما ينسى المرشح وعوده حين يصل إلى البرلمان، أو تضيع صيحته في زحمة الأعمال وزحمة الخطب والكلمات!
عندئذ رؤي لها أن تطالب بحق الترشيح ودخول البرلمان, لكي تسمع صوتها بنفسها للذين يصنعون القوانين "كأنهم لم يكونوا سامعين من قبل" وتشارك بنفسها في إعداد التشريع فتضمنه ما يحفظ للمرأة حقوقها.
وقامت قيامة المعارضة كما يحدث في كل مرة، واشتدت حتى ليظن الرائي أن الأمر لن يتم أبدا.. ثم ظلت أصوات المعارضة تخفت تدريجيا وتلين, حتى نالت المرأة حق الترشيح ودخلت البرلمان!
ويجدر بنا أن نلاحظ ظاهرة "فنية! " في إدارة المعركة.
لقد كانت الصحافة دائما من أوسع المجالات التي تدور فيها المعركة إن لم تكن أوسعها جميعا, والصحافة في أوروبا كانت -وما تزال- في أيدي اليهود، الذين يوجهون المعركة كلها لحسابهم الخاص. ومع رغبتهم الشديدة في أن تصل الأمور إلى إخفات صوت المعارضة نهائيا، وعدم السماح لها