وتكفل رجال بالدفاع عن "قضية المرأة": محامون وكتاب وخطباء وصحفيون.. بينما ظل أغلبية الرجال يرفضون في إصرار, ولكن رويدا رويدا أخذت المعارضة تلين -أو في الحقيقة تلين- بالدق المستمر عليها بكل وسائل الأعلام المتاحة في ذلك الحين، وفي مقدمتها الصحافة, ومن بينها الخطابة والمحاضرة والتأليف.

وظاهرة لين المعارضة بعد اشتدادها في أول الأمر تكررت في كل مرحلة من مراحل "القضية" بصورة واحدة تقريبا.. يبدأ "المدافعون" بإثارة القضية فتنهال المعارضة من كل جانب, وتحتد غضبات "الرجال" إلى حد يخيل للرائي أن الأمر قد انتهى إلى الأبد، وأن القضية فاشلة لا محالة! ورويدا رويدا تأخذ الأصوات المعارضة تخفت، والأصوات المدافعة تعنف وتشتد، حتى يأتي يوم لا يجرؤ فيه أحد على المعارضة؛ لأنه يصبح ضد التيار، ويصبح كلامه مستهجنا ويقابل بالاستنكار؛ لأنه رجعي متخلف، يريد أن يرجع عقارب الساعة إلى الوراء ويريد أن يقف عجلة التطور الساحقة التي تسحق كل من يقف في سبيلها!!

كيف يتم الأمر على هذه الصورة؟!

هل هي صورة طبيعية وتلقائية؟ أم تدخل فيها أصابع الشياطين؟!

أما أنها طبيعية -من جانب- فنعم! فما كان المعارضون يعارضون عن إيمان حقيقي بقيم معينة، إنما هي عنجهية الرجل من جهة، وكون ذلك من "التقاليد" الموروثة من جهة أخرى, والتقاليد إذا فقدت الروح وفقدت المبدأ وفقدت الإيمان، لم تعد قادرة على الصمود في المعركة، خاصة إذا كانت معاول الهدم حادة، وكان المهاجمون أذكياء بل شريرين.

ولكنها من جانب آخر لم تكن طبيعية.

فلو تركت الأمور دون تدخل ودون توجيه، فلربما كانت التقاليد الموروثة تتغلب، أو ربما كانت عنجهية الرجل التقليدية تتغلب ... ولكن الذين بيدهم التوجيه الشيطاني كانوا -في كل مرة- يحولون دون أن تنتهي الأمور إلى هذه النتيجة التي لا تخدم أهدافهم، وتعطل مجيء اليوم الذي يركب فيه شعب الله المختار على ظهور الأمميين ويلهبها بالسياط!

ولا نتحدث هنا عن العدالة في أي الجانبين كانت، ففي الجاهلية لا توجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015