وسارت القضية في خطوات متتابعة، كل خطوة تؤدي إلى تاليتها بصورة تبدو طبيعية ومنطقية وتلقائية, وما كانت في الواقع تلقائية إنما كان ينفخ فيها الشياطين بصورة تظهرها في هذا الوضع.

طالبت المرأة بالمساواة مع الرجل في الأجر فرفضت الرأسمالية الناشئة وأصرت على الرفض، كأنها تحافظ على وضع طبيعي لا يجوز تغييره ولا الخروج عليه! ورفض "الرجل" كذلك! كأن طلبها عدوان على حقوقه الشخصية أو عدوان على كيانه الذاتي!

ولم تعد القضية مجرد المطالبة بالمساواة مع الرجل في الأجر، بل أصبحت -في ذات الوقت- قضية ضد "الرجل" الذي يرفض إعطاءها مالها من حقوق في عنجهية وغطرسة, وظل هذا الأمر يتسع كلما سارت القضية في مسارها خطوة، حتى أصبح في النهاية كأنه هو القضية! وانقلب الأمر بين شقي النفس الواحدة اللذين خلقهما الله ليكونا سكنا ومودة: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} 1 {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} 2 فأصبحت العلاقة هي العداء والصراع والمنافسة.

وفرك الشياطين أيديهم سرورا بذلك "التطور" فأي شيء أفعل في فك روابط الأسرة وتقطيع أوصالها من إثارة الصراع والشقاق بين ركنيها الأساسيين؟!

وما نريد أن نتعجل الأحداث!

رفض أصحاب المصانع قضية المساواة في الأجر ورفضها الرجل كذلك، فطالبت المرأة -أو طولب لها في الحقيقة- بأن يكون لها حق الانتخاب حتى يكون لها -كما قيل- تأثير في اختيار المرشحين للمجالس النيابية فيدافعوا عن حقوقها المسلوبة حين يصلون إلى البرلمان، وكان الرجل قد نال هذا الحق "حق الانتخاب" قبل ذلك مع نمو الديمقراطية ونمو الحقوق السياسية للشعب3.

ورفض الرجل إعطاءها هذا الحق، ولم يعترف أصلا بأن ذلك حق من حقوقها أو أمر جائز بالنسبة إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015