فعليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يتولون المؤمنين ويتولونه.
وَفِي الْجُمْلَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْمَوْلَى وَنَحْوِ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْوَالِي. فَبَابُ الْوِلَايَةِ - الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ - شَيْءٌ، وَبَابُ الْوِلَايَةِ - الَّتِي هِيَ الْإِمَارَةُ - شَيْءٌ.
وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ: مَنْ كُنْتُ وَالِيَهُ فَعَلِيٌّ وَالِيهِ. وَإِنَّمَا اللَّفْظُ ((مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ)) .
وَأَمَّا كَوْنُ الْمَوْلَى بِمَعْنَى الْوَالِي، فَهَذَا بَاطِلٌ. فَإِنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ، وَهُوَ مَوْلَاهُمْ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ أَوْلى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا مِنْ طَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَكَوْنُهُ أَوْلى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ خَصَائِصِ نَبُوَّتِهِ.
قَالَ الرَّافِضِيُّ: الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: أَنْتَ مِنَى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي. أَثْبَتَ لَهُ ((عَلَيْهِ السَّلَامُ)) جَمِيعَ مَنَازِلِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى
عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلِاسْتِثْنَاءِ. وَمِنْ جُمْلَةِ مَنَازِلِ هَارُونَ أَنَّهُ كَانَ خَلِيفَةً لِمُوسَى، وَلَوْ عَاشَ بَعْدَهُ لَكَانَ خَلِيفَةً أَيْضًا، وَإِلَّا لَزِمَ تَطَرُّقُ النَّقْضِ إِلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ مَعَ وُجُودِهِ وَغَيْبَتِهِ مُدَّةً يَسِيرَةً، فَبَعْدَ مَوْتِهِ وَطُولِ مُدَّةِ الغَيْبَة، أَوْلى بِأَنْ يَكُونَ خَلِيفَتَهُ)) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَا رَيْبٍ وَغَيْرَهُمَا، وَكَانَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا سَافَرَ فِي غَزْوَةٍ أَوْ عُمرة أَوْ حَجٍّ يَسْتَخْلِفُ عَلَى الْمَدِينَةِ بَعْضَ الصَّحَابَةِ، كَمَا اسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ ذِي أمَّر عُثْمَانَ، وفي غزوة بني قَيْنُقاع بَشِيرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَلَمَّا غَزَا قُرَيْشًا وَوَصَلَ إِلَى الفُرْع اسْتَعْمَلَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى يَسْتَخْلِفَ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ كَانَ يَسْتَخْلِفُهُ، فَقَدْ سَافَرَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي عُمرتين: عُمرة الْحُدَيْبِيَةِ وعُمرة الْقَضَاءِ. وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَفِي مَغَازِيهِ - أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ غَزَاةً - وَفِيهَا كُلِّهَا اسْتَخْلَفَ، وَكَانَ يَكُونُ