وأم عبد المطلب: هي سلمى بنت زيد من بني النجار، تزوجها أبوه هاشم بن عبد مناف. فخرج إلى الشام - وهي عند أهلها، وقد حملت بعبد المطلب - فمات بغزة. فرجع أبو رُهْم بن عبد العزى وأصحابه إلى المدينة بتركته. وولدت امرأته سلمى: عبد المطلب. وسمته شيبة الحمد. فأقام في أخواله مكرمًا. فبينما هو يناضل الصبيان، فيقول: أنا ابن هاشم، سمعه رجل من قريش، فقال لعمه المطلب: إني مررت بدور بني قَيْلة. فرأيت غلامًا يعتزي إلى أخيك. وما ينبغي ترك مثله في الغربة. فرحل إلى المدينة في طلبه. فلما رآه فاضت عيناه، وضمه إليه. وأنشد شعرًا:
عرفت شيبة والنجار قد جعلت ... أبناءها حوله بالنبل تنتضل
عرفت إجلاده فينا وشيمته ... ففاض مني عليه وابل هطل
فأردفه على راحلته، فقال: يا عم، ذلك إلى الوالدة. فجاء إلى أمه. فسألها أن ترسل به معه، فامتنعت. فقال لها: إنما يمضي إلى ملك أبيه، وإلى حرم الله. فأذنت له. فقدم به مكة، فقال الناس: هذا عبد المطلب. فقال: ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم.
فأقام عنده حتى ترعرع. فسلم إليه ملك هاشم: من أمر البيت، والرفادة، والسقاية، وأمر الحجيج، وغير ذلك.
وكان المطلب شريفا مطاعا جوادا، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه. وهو الذي عقد الحلف بين قريش وبين النجاشي. وله من الولد: الحارث، ومخرمة، وعباد، وأنيس، وأبو عمر، وأبو رهم، وغيرهم.