نادوا: إنا نعتذر إليكم من سلنا سيوفنا. والله ما سللناها ترهيبا، ولكن غداة باردة فخشينا تحطمها، فأردنا أن تسخن متونها إلى أن نلقاكم فسترون.
فاقتتلوا قتالا شديدا. وصبر الفريقان صبرا طويلا. حتى كثر القتل والجراح في الفريقين.
واستحر القتل في المسلمين وحملة القرآن حتى فنوا إلا قليلا. وهزم كل من الفريقين حتى دخل المسلمون عسكر المشركين والمشركون عسكر المسلمين مرارا. وجعل زيد بن الخطاب - ومعه الراية - يقول اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به مسيلمة. وأعتذر إليك من فرار أصحابي. وجعل يشتد بالراية في نحور العدو. ثم ضارب بسيفه حثى قتل. رحمه الله ورضي عنه.
فأخذ الراية سالم مولى أبي حذيفة فقال المسلمون إنا نخاف أن نؤتى من قبلك. فقال بئس حامل القرآن أنا، إذا أتيتم من قبلي.
ونادت الأنصار ثابت بن قيس - ومعه رايتهم -: الزمها. فإنها ملاك القوم فتقدم سالم فحفر لرجليه حتى بلغ أنصاف ساقيه وحفر ثابت لرجليه مثل ذلك ثم لزما رايتهما.
ولقد كان الناس يتفرقون في كل وجه وإن سالما وثابتا لقائمان حتى قتل سالم وقتل أبو حذيفة مولاه.
قال وحشي بن حرب: اقتتلنا قتالا شديدا، حتى رأيت شهب النار تخرج من خلال السيوف حتى سمعت لها صوتا كالأجراس.