فاهدماه، وحرقاه " فخرجا مسرعين حتى أتيا بني سالم بن عوف - وهم رهط مالك بن الدخشم - فقال لمعن أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه، وفيه أهله، فحرقاه وهدماه» ، وأنزل الله سبحانه {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 107] إلى قوله {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 110] (?) .
قال ابن عباس في الآية: هم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدا، فقال لهم أبو عامر الفاسق: ابنوا مسجدكم، واستعدوا ما استطعتم من قوة ومن سلاح. فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآت بجند من الروم، فأخرج محمدا وأصحابه. فلما فرغوا من بنائه: أتوا النبي صلى الله عليه وسلم. فقالوا: إنا قد فرغنا من بناء مسجدنا. ونحب أن تصلي فيه، وتدعو بالبركة. فأنزل الله عز وجل: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: 108] إلى قوله: {لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 110] يعني الشك {إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 110] يعني بالموت.
ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، خرج الناس لتلقيه، والنساء والصبيان والولائد يقلن:
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
وكانت غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه. وأنزل الله فيها سورة براءة.