قال العباس: إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكنت امرءا جسيما شديد الصوت - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - حين رأى ما رأى من الناس - «إلي أيها الناس، أنا النبي لا كذب. أنا ابن عبد المطلب» فلم أر الناس يلوون على شيء. فقال: «أي عباس، اهتف بأصحاب السمرة» (?) " فناديت: يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة. فكان الرجل يريد أن يرد بعيره فلا يقدر. فيأخذ سلاحه، ويقتحم عن بعيره، ويخلي سبيله. ويؤم الصوت، فأتوا من كل ناحية: لبيك، لبيك. حتى إذا اجتمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائة استقبلوا الناس، فاقتتلوا. فكانت الدعوة أولا: " يا للأنصار، يا للأنصار "، ثم خلصت الدعوة: " يا لبني الحارث بن الخزرج "، وكانوا صبرا عند الحرب.
وفي صحيح مسلم: «ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات. فرمى بها وجوه القوم. ثم قال: انهزموا، ورب محمد. فما هو إلا أن رماهم، فما زلت أرى حدهم كليلا، وأمرهم مدبرا» .
ولما انهزم المشركون أتوا الطائف، ومعهم مالك بن عوف. وعسكر بعضهم بأوطاس. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثر من توجه نحو أوطاس أبا عامر الأشعري، فأدرك بعضهم فناوشوه القتال، فهزمهم الله تعالى. وقتل أبو عامر. فأخذ الراية أبو موسى الأشعري. فلما بلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم اغفر لأبي عامر. واجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك» .
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبي والغنائم أن يجمع. وكان السبي ستة آلاف رأس، والإبل: أربعة وعشرين ألفا، والغنم أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية فضة.