ثم قال: «يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم. قال: فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، اذهبوا فأنتم الطلقاء» .
ثم جلس في المسجد، فقام إليه علي - ومفتاح الكعبة في يده - فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية. صلى الله عليك. فقال صلى الله عليه وسلم: «أين عثمان بن طلحة "؟ فدعي له، فقال: " هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء» .
وأمر بلالا أن يصعد على الكعبة فيؤذن - وأبو سفيان بن حرب، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام، وأشراف قريش جلوس بفناء الكعبة - فقال عتاب: لقد أكرم الله أسيدا ألا يكون سمع هذا. فقال الحارث: أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته. فقال أبو سفيان: لا أقول شيئا، لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء. فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: «قد علمت الذي قلتم» ثم ذكر ذلك لهم. فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله. والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا. فنقول: أخبرك.
ثم دخل صلى الله عليه وسلم دار أم هانئ فاغتسل. وصلى ثمان ركعات، صلاة الفتح. وكان أمراء الإسلام إذا فتحوا بلدا صلوا هذه الصلاة.
ولما استقر الفتح: أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس كلهم، إلا تسعة نفر. فأنه أمر بقتلهم، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة: عبد الله بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، وعبد العزى بن خطل، والحارث بن نفيل، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان لابن خطل، وسارة مولاة لبني عبد المطلب.