ثم شهد الخندمة. فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد بن الوليد، ناوشوهم شيئا من قتال، فأصيب من المشركين اثنا عشر، ثم انهزموا. فدخل حماس على امرأته، فقال: اغلقي علي بابي. فقالت: وأين ما كنت تقول؟ فقال:
إنك لو شهدت يوم الخندمه ... إذ فر صفوان وفر عكرمه
وأبو يزيد قائم كالمؤتمه ... واستقبلتنا بالسيوف المسلمه
يقطن كل ساعد وجمجمه ... ضربا فلا يسمع إلا غمغمه
لهم نهيت خلفنا وهمهمه ... لم تنطقي باللوم أدنى كلمه
وقال أبو هريرة: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدخل مكة. فبعث الزبير على إحدى المجنبتين. وبعث خالدا على المجنبة الأخرى. وبعث أبا عبيدة بن الجراح على الحسر. فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته. وقد وبشت قريش أوباشها، وقالوا: نقدم هؤلاء. فإذا كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطيناه الذي سألنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة "، فقلت: لبيك يا رسول الله. قال: " اهتف لي بالأنصار. ولا يأتيني إلا أنصاري " فهتفت بهم، فجاءوا. فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: " أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم؟ - ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى - احصدوهم حصدا، حتى توافوني على الصفا» قال أبو هريرة: فانطلقنا. فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء إلا قتل. وركزت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون عند مسجد الفتح. ثم نهض والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد. فأقبل إلى الحجر فاستلمه. ثم طاف بالبيت. وفي يده قوس، وحول البيت وعليه، ثلاثمائة وستون صنما. فجعل يطعنها بالقوس، ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] (?)