سنا البرق الشامي
تضم المكتبة السليمانية باستنبول النسخة الوحيدة من سنا البرق الشامي برقم أسد أفندي 2249.
ويقع سنا البرق الشامي في تسع وسبعين ورقة من القطع الكبير من 163ب: 242 أ. وقد وجدته مجلداً مع كتاب حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة لجلال الذين السيوطي. وعلى الصفحة الأولى من المخطوط (كتاب حسن المحاضرة في تاريخ مصر القاهرة ويليه الجزء الأول من كتاب سنا البرق الشامي لعماد الدين الكاتب الأصفهاني) ويبدأ بمقدمة كتبها البنداري ويذكر انه انتهى من اختصاره للبرق عام 622هـ 1224م وباستعراض الموضوعات الواردة في الأوراق الاثنتي عشر الأولى يتضح لنا عدم انتظامها وعدم تتابعها ففي ورقة 164ب يذكر وصول العماد إلى الشام في 562هـ 1166م، ويتبع ذلك وصول شاور إلى دمشق عام 563هـ 1167م ثم يذكر حملة اليمن، وفجأة يذكر موت نور الدين محمود 569هـ 1174م.
ويأتي خلال ذلك إشارة إلى بعثة ابن القيسراني إلى مصر ويلي ذلك مؤامرة عمارة اليمني ضد صلاح الدين عام 564هـ 1168م.
وربما حدث ذلك خلال اختصار البنداري للنص، أو ربما وقع من الناسخ خلال كتابته له في عصر لاحق.
وينتظم بعد ذلك المخطوط إلى أن يصل إلى الأوراق الثلاثة الأخيرة فنجد أن المادة التاريخية بها غير منتظمة، وغير مترابطة.
والمخطوط على العموم مكتوب بخط غير جميل، وهناك كثير من الفجوات، والأخطاء الإملائية ربما حدثت خلال النسخ وكان هدف التحقيق هو تصحيح وضبط النص.
وقد شكى الفتح البنداري وغيره من المؤرخين صعوبة أسلوب العماد وطوله وإسهابه، وتعقيده.
فقد ذكر الصفدي أن شعره ألطف من نثره لأنه أكثر الجناس فيه وبالغ حتى يعود كلامه كأنه درب من الرقي والعزايم وقد عاب الناس ممن له ذوق ونظرة سليمة كثرة الجناس لأنه دليل التكلف.
وقد ذهب ابو الشامة نفس المذهب في وصفه لأسلوب العماد فقال بأنه مسهب مطنب يصيب الإنسان الكلل والملل من قرأته أما ياقوت وابن خالكانى فقد ذكروا أن العماد والقاضي الفاضل كانا يميلان إلى التلاعب بالألفاظ مثال ذلك (سر فلا كبا بك الفرس) ، (ودام علا العماد) ومثل هذه العبارات يمكن قراءتها من اليمين إلى اليسار أو من اليسار إلى اليمين.
ومما هو جدير بالإشارة أن البنداري حين اختصر البرق كان أميناً، ولم يحاول التغيير في الأسلوب والتزم بخطة واضحة طوال النص.
أما مصادر التحقيق فقد تمثلت بالضرورة في الجزئيين الثلث والخامس من البرق الشامي الأصل وقد شكل هذان الجزءان مصدراً هاماً من مصادر التحقيق خاصة في غياب نسخة تفيد في المقارنة.
كذلك كان للمقتطفات التي وردت في كتاب الروضتين لأبي شامة أهمية كبيرة فقد ملأت العديد من الفجوات وساعدت في ضبط الكثير من أجزاء النص وقد اعتبرت ما تبقى من البرق بالإضافة إلى مقتطفات أبى شامة أصلاً ثانياً للتحقيق.
هذا بالإضافة إلى الاستعانة بالمصادر اللاحقة على البرق الشامي كالكامل في التاريخ لابن الأثير، ومفرج الكروب لابن واصل، والخطط لتقي الدين المقريزي، وكلها قد أفاد كاتبوها من مؤلفات العماد الكاتب لا سيما البرق الشامي. كذلك اعتمدت على بعض المصادر غير المنشورة كتاريخ ابن ابي الهيجاء، والعسجد المسبوك، ورسائل القاضي الفاضل.
وتجب الإشارة إلى أن البنداري ذكر في مقدمته انه سوف يذيل مختصره بمقتطفات من رسالتي العماد العقبي والعتبي، وخطفه البارق وعطفه الشارق إلا انه لم يفعل. وريما كان سبب ذلك انه لم يستكمل البرق، فيقول العنوان الجزء الأول من سنا البرق الشامي، إيماء إلى انه سيكون هناك جزء ثان، ولكننا لم نعثر عليه.