قال: كان أصحابنا قد ألغوا من مفتتح الفتح الحصول من غير تعب على هني الربح فما

قال: كان أصحابنا قد ألغوا من مفتتح الفتح الحصول من غير تعب على هني الربح فما التقطوا إلا درةً ثمينةً ولا اشترطوا إلا لقمة سمينة فلما حصروا صور وأبصروا الأمور وشاهدوا الشهادة واحتاجوا إلى هجر المعيشة الرحبة المألوفة وأنفقوا الأموال في جلب القوت والعلوفة مشي رجالنا ومالت إلى الزوال أموالنا وفيها جماعة كرهوا الرحيل وقالوا: قد أوهنا العدو ورزقنا الله عليه الغلبة والعلو وقد فرق علينا السلطان من الأموال آلافاً مؤلف5ة حتى استتبت الأسباب فإذا رحلنا أحبطنا الأعمال وأذهبنا غبنا تلك وقد قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " وإذا امتثلتم هذه الأوامر فإنكم بوعده الصادق تفلحون وتفتحون ومن الناس من هو ساكن ساكت حتى يبصر ما يكون من حكم القدر ويقضي الله أما بالرحيل وأما بالفتح والظفر فجاء الألوف إلى السلطان وقالوا: قد بان تعذر الإمكان وقد أشرفنا على كانون وكل ومل المؤمنون وما ينقضي يوم إلا ويقضي أو يجرح فيه قوم وهؤلاء رجالك فلا تفرط فيهم ولا تحملهم على ما يرديهم وبين أيدينا بلاد أهون من صور فأرح لفتحها عسكرك المنصور فقال السلطان: قد أنهينا في بحر الاجتهاد العوم فكيف يطرق بالرحيل إلينا اللوم وما عذرنا إذا فرجنا عن عداته وخرجنا عن مواقيت عداته وبالصبر ينال الظفر وبتوفيق الله لإتباع أمره يوافق القدر وهذه صور إن بقيت أتعبت وإن نفس كربها أكربت ولم يبق بهذا الساحل مدينة للسوء سواها وما نخاف اجتماع مدد الفرنج إلى الساحل لولاها فإذا فتحنا رتاجها فتحنا كل رتاج وأوضحنا كل منهاج والحصون والمعاقل الباقية في يد الكفر مجاورة لبلادنا في البر وما أهون فتحها إذا يئس رجالها من إمداد البحر وإذا تركنا هذه الجمرة في رمادها وهذه الشعلة المتوارية في زنارها أعصفت بها نكب الرياح وعنت بوريقها الذي للإقتداح فانتشر حريقها واتسعت للطورق طريقها وقد قرب من نار شره الخمود وتعذرت من سوره الحدود وإذا مضينا وتفرقنا فمتى نجتمع ونعود وقد أمكننا الغربة وأنتم الاسود وقد لاحت الفرصة وقد حميت الحمية فماذا الخمود فتأبوا إلى ما رآه وأتوا على رضاه فأقمنا بعد ذلك أياماً نوفي الباصرة حقها والمرابطة صدقها والسلطان يفرق على الرجال الأموال ويحبب إلى أولياء الله في سبيله القتال في انفس المتضجرين بالمقام ما فيها وكم ثبتت متجلدة على ما ينافيها فتمكنت الفترات في عزماتها وتطرقت السكنات إلى حركاتها وصارت تخل بنوب المنجنيق وتدعى سانحات اسباب التعويق ويقول الأمير: رجالي يجرحون فكيف يعدون للنوبة أو يروحون وبقيت المنجنيقات واقفة لا فادح لزنادها بحجارة ولا قابل لسومها بيع ولا إجارة وقد استوفيت شرح ذلك في كتاب الفتح القدسي واديت العنى باللفظ القسي فعزم السلطان على الرحيل وأمر بنقض الابراج والمنجنيقات ونقل الأثقال والآلات فحمل بعضها إلى صيدا وبيروت في البحر والبر وأحرق بعضها لئلا يحصل بها نفع للكفر وانتقل السلطان إلى المنزلة الأولى وشرع جمع العسكر في الإفتراق كأنهم قد أطلقوا عن الوثاق ورحل الملك المظفر تقي الدين وسار إلى دمشق على طريق هونين واستصحب معه عساكر الشرق وجموع الجزيرة والموصل وسنجار وديار بكر وماردين ثم استقل السلطان راجلاً وسلكناً بالخيل في خدمته ورأى الباقين فوق الجبل في ثلاث مراحل حتى انخنا بظاهر عكا عند التل وخيم السلطان (239 أ) هناك وأقر الفضل وأرف الظل وعين يوم رحيله أمراء يقيمون على صدر إلى أن يعرفوا عبور النقل فإن طريق الناقورة في الجبل المطل على البحر ضيقة المسلك لا نعبر بها إلا جمل جمل فعبرت بها الأثقال والأحمال في أسبوع وسار الملك العادل إلى مصر والملك الظاهر إلى حلب واستأذن أيضاً بدر الدين دلدرم الياروقي في المسير وصار هاولا في الجم الغفير والجمع الكثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015