وأما النصارى الساكنون بالقدس فإنهم بذلوا مع القطيعة الجزية ليسكنوا ولا يزعجوا ويؤمنوا ولا يخرجوا وأقروا بوساطة الفقيه عيسى واقر السلطان من قسوس النصارى أربعة قوام لقمامة وأعفاهم ولم يكلفهم الغرامة وأقام في مدينة القدس وأعمالها منهم وكانت برسم الفرنج ومقدميهم مجاورة الصخرة وعند باب الرحمة مقبرة وقباب معمرة وأجداث واحداث تعفينا آثارها ورخصنا أوصارها (237 ب) وقلعنا صفايحها المخرمة وأعمدتها المرخمة وسوينا بها الأرض وسلطنا عليها النقض وأشير على السلطان بتخريب كنيسة قمامة فلم يترجح في رأيه تخريبها ولا توضح عنده تصويبها.
وقام السلطان بظاهر القدس حتى حقق الآمال وفرق الأموال وقسم الأنفال وعصى في طاعة الله بإفناء تلك النفايس العزال فقد كان أخوه الملك العادل وجماعته يرون وهو من الرأي الصواب إبقاءها للذخائر وإعدادها لما يدور من الدواير وكان ذلك أولى في شرع الحزم لكنه جرى من فرط سماحته على الرسم وسمعت الملك العادل يوماًَ في أثناء حديثه في ناديه وهو يجري ذكر إفراطه في بث أياديه أنني توليت باستيفاء قطيعة القدس فانفذت له ليلة سبعين ألف دينار وقلت قد حصل منه على استظهار فجاءني خازنه بكرة وقال: نزيد اليوم ما نخرجه على إنفاق مما عندنا فما كان بالأمس باق فنفذت ثلاثين ألف دينار أخرى في الحال ففرقها على رجال الرجا بيد النوال ونفد إلى الملوك الذين كانت عساكرهم في الفتوح حاضرة هدايا وتحفاً والطاف جازية.