على رأس تسعة أشهر في عشرين راكبا، يعترضون عيرا لقريش، فلما بلغوه، وجدوها مرت بالأمس، ثم غزا بنفسه غزوة الأبواء وهي أول غزوة غزاها بنفسه، خرج فِي الْمُهَاجِرِينَ خَاصَّةً يَعْتَرِضُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، فَلَمْ يلق كيدا.
ثم غزا أبواط في شهر ربيع فِي مِائَتَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعْتَرِضُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، حتى بلغ أبواط فلم يلق كيدا فرجع.
ثُمَّ خَرَجَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا لطلب كرز بن جابر لما أغار على سرح المدينة، حتى بلغ سفوان من ناحية بدر، ففاته كرز.
ثم خرج على رأس ستة عشر شهرا في مائة وخمسين من المهاجرين، يعترض عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام، فبلغ ذا العشيرة، فوجدها قد فاتته وهي التي خرج في طلبها لما رجعت من الشام، فكانت وقعة بدر.
ثم بعث عبد الله بن جَحْشٍ إلى نخلة فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، كُلُّ اثْنَيْنِ يَعْتَقِبَانِ عَلَى بَعِيرٍ، فَوَصَلُوا إِلَى بَطْنِ نخلة يرصدون عيرا لقريش، وأضل سعد وعتبة بن غزوان بعيرا لهما، فتخلفا في طلبه، ونفذوا إلى بطن نخلة، فمرت بهم عير لقريش، فقالوا: نحن في آخر يوم من رجب، وإن تركناهم الليلة دخل الْحَرَمَ.
ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى مُلَاقَاتِهِمْ، فَرَمَى أَحَدُهُمْ عمرو بن الحضرمي، فَقَتَلَهُ وَأَسَرُوا عثمان والحكم، وأفلت نوفل، وعزلوا الخمس، فكان أول خمس في الإسلام، فأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فعلوه، واشتد إنكار قريش، وزعموا أنهم وجدوا مقالا، واشتد على المسلمين ذلك، فأنزل الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 217] (?) الآية، يقول سبحانه: هذا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، فَمَا ارْتَكَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ مِنَ الكفر، والصد عن سبيل الله وبيته، وَإِخْرَاجِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُ مِنْهُ، وَالشِّرْكِ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَالْفِتْنَةِ الَّتِي حَصَلَتْ مِنْكُمْ أكبر عند الله، والأكثر فسروا " الفتنة " هنا بالشرك، وَحَقِيقَتُهَا: أَنَّهَا الشِّرْكُ الَّذِي يَدْعُو صَاحِبُهُ إِلَيْهِ، وَيُعَاقِبُ مَنْ لَمْ يَفْتَتِنْ بِهِ.
وَلِهَذَا يُقَالُ لهم في النار: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] (?) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَكْذِيبَكُمْ، وحقيقته: ذوقوا نهاية فتنتكم كقوله: {ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الزمر: 24] (?) .
ومنه قوله تعالى: