- 21 - وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ
- 22 - إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ
- 23 - إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ
- 24 - قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ
- 25 - فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ
قد ذكر المفسرون ها هنا قِصَّةً أَكْثَرُهَا مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهَا عَنِ الْمَعْصُومِ حَدِيثٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَلَكِنْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هُنَا حَدِيثًا، لَا يَصِحُّ سَنَدُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عن أنَس رضي الله عنه، وَيَزِيدُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ، لَكِنَّهُ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ؛ فَالْأُولَى أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ تِلَاوَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَأَنْ يُرَدَّ عِلْمُهَا إِلَى اللَّهِ عزَّ وجلَّ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، وما تضمن فهو حق أيضاً (زعموا أن المراد بالخصم جبريل وميكائيل، وضمير الجمع في: تسوروا، يرجع إليهما، حملاً على لفظ الخصم. والنعجة: كناية عن المرأة، والمراد: أم سليمان، وكانت أمرأة أوريا قبل داود، إلى آخر ما هنالك من أقوال غير صحيحة)، وقوله تعالى: {فَفَزِعَ مِنْهُمْ} إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي مِحْرَابِهِ، وَهُوَ أَشْرَفُ مَكَانٍ فِي دَارِهِ، وكان قد أمر أن لا يَدْخُلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ إِلَّا بِشَخْصَيْنِ قَدْ تَسَوَّرَا عَلَيْهِ الْمِحْرَابَ، أَيِ احتاطا به، يسألانه عن شأنهما، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} أَيْ غَلَبَنِي، يُقَالُ: عَزَّ يعز إذا قهر وغلب، وقوله تعالى: {وَظَنَّ داود أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} قال ابن عباس: أي اختبرناه، وقوله تعالى {وَخَرَّ رَاكِعاً} أي ساجداً، {وَأَنَابَ} أي رجع وتاب وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَكَعَ أَوَّلًا ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ ذلك، {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} أَيْ مَا كَانَ مِنْهُ مما يقال فيه «حَسَنَاتِ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ».
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي سَجْدَةِ (ص) هَلْ هِيَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: الْجَدِيدُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، بَلْ هِيَ سجدة شكر؛ والدليل على ذلك ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قال: السجدة فِي (ص) لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد فيها (أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والإمام أحمد، وقال الترمذي: حسن صحيح)،