خرج عمار بن ياسر إلى أصحاب له وهم ينتظرونه فقالوا: أبطأت علينا أيها الأمير. قال: أما إني سأحدثكم حديثاً، كان أخ لكم ممن كان قبلكم، وهو موسى قال: يا رب! أخبرني بأحب خلقك إليك. قال: لم؟ قال: لأحبه لك. قال: سأحدثك، رجل في طرف من الأرض يعبدني، فيسمع به أخ في طرف الأرض الأخرى لا يعرفه، فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته، وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته، لا يحبه إلا لي. فذاك أحب خلقي إلي ثم قال موسى: يا رب! خلقت خلقاً فجعلتهم في النار، فأوحي الله إليه أن يا موسى ازرع زرعاً. فزرعه وسقاه، وقام عليه حتى حصده وداسه، فقال له: ما فعل زرعك يا موسى؟ قال: قد رفعته. قال: فما تركت منه؟ قال: ما لا خير فيه. قال: فإني لا أدخل النار إلا من لا خير فيه.
وعن أبي بكر بن عياش قال: قال موسى: يا رب، أرني أهل صفوتك فقيل لها: انطلق إلى خربة كذا وكذا. فانطلق فإذا هو برجل ميت قد بليت أكفانه، وبدت عظامه، فقال موسى: يا رب! سألتك أن تريني أهل صفوتك فأرتني رجلاً ميتاً قد بليت أكفانه وبدت عظامه! قال: نعم يا موسى! ومع هذا فإني أخرجته من الدنيا وهو جائع.
وعن جابر قال:
أوحى الله إلى موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: أن ارحم عبادي المعافى مهم والمبتلى. فقال: يا رب! هذا المبتلى أرحمه لبلائه فما بال المعافى!؟ قال: لقلة شكره إياي على عافيتي إياه.
وعن قتادة قال: قال موسى: يا رب! أنت في السماء ونحن في الأرض، فما علامة غضبك من رضاك؟ قال: إذا استعملت عليكم خياركم فهو علامة رضائي وإذا استعملت عليكم شراري فهو علامة سخطي عليكم.