وأنهن أخذنه وهممن بفتح التابوت، فقال بعضهن: إن في هذا مالاً، وإن فتحناه لم تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه. فحملنه فيه. فحملنه إليها فلما فتحته رأت غلاماً، فألقى الله عليها منه محبة، فسمع الذباحون بأمره، فأقبلوا بشفارهم إلى امرأة فرعون ليذبحوه، وذلك من الفتون.
ثم ذكر أنها استوهبته من فرعون، وطلبت له ظئراً لترضعه، فلم يأخذ ثدي أحد منهن، حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمتنع من اللبن فيموت، وأمرت به فأخرج إلى السوق ومجمع الناس، ترجو أن تجد له ظئراً، " فبصرت به " أخته " عن جنب " والجنب: أن يسمو بصر الإنسان إلى الشيء البعيد، وهو إلى جنبه لا يشعر به، فقالت من الفرح: أنا " أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " فأخذوها وقالوا: ما يدريك ما نصحهم له؟ هل يعرفونه؟ حتى شكوا في ذلك. وذلك من الفتون يا بن جبير.
ثم ذكر أن أمه لما وضعته في حجرها أخذ ثديها ومصه حتى امتلأ جنباه رياً، وبشرت امرأة فرعون بذلك، وأتيت بها. فقالت لها امرأة فرعون امكثي عندي ترضعين ابني هذا. فقالت أم موسى: لا أستطيع أن أضيع بيني وولدي، فإن طابت نفسك أن تعطينيه فيكون معي لا آلوه خيراً فعلت. وذكرت أم موسى ما كان الله وعدها فيه فتعاسرت على امراة فرعون وأيقنت أن الله منجز وعده. فرجعت إلى بيتها بابنها في يومها، فأنبته الله نباتاً حسناً، وحفظه لما قد مضى فيه، فلم يزل بنو إسرائيل وهم في ناحية القرية مجتمعين، يمتنعون به من السخرة والظم، فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لأم موسى: أريني ابني. فوعدتها يوماً تريها. فقالت امرأة فرعون لخزانها وقها رمتها: لا يبقي أحد منكم اليوم إلا استقبل ابني بهدية وكرامة لأرى ذلك فيه، وأنا باعثة أميناً يحصي كل ما يصنع كل إنسان منكم. فلم تزل الهدايا والكرامة والنحل تستقبله من حين