بربه، يخاف خذلان الله إياه؛ أما المنزلة الأولى فإنه خلق في بطن أمه خلقاً من بعد خلق، في ظلماتٍ ثلاث: ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، ينزل الله عليه رزقه في جوف ظلمة البطن فإذا خرج من البطن وقع في اللبن، لا يخطو إليه بقدم، ولا يتناوله بيد، ولا ينهض إليه بقوة، ولا يأخذه بحرفةٍ يكره عليه إكراهاً ويؤجر ايجاراً، حتى ينبت عليه عظمه ولحمه ودمه، فإذا ارتفع عن اللبن وقع في المنزلة الثالثة في الطعام من أبويه يكسبان عليه من حلالٍ أو حرام، فإن مات أبواه عن عير شيء تركاه عطف عليه الناس، هذا يطعمه وهذا يسقيه وهذا يؤويه؛ فإذا وقع في المنزلة الرابعة، فاشتد واستوى واجتمع وكان رجلاً، خشي أن لا يرزقه الله، فوثب على الناس يخون أماناتهم ويسرق أمتعاتهم، ويذبحهم على أموالهم مخافة خذلان الله إياه.

كان عيسى عليه السلام يقول: إن الذي يصلي ويصوم ولا يترك الخطايا مكتوبٌ في الملكوت كذاباً.

قال الحواريون لعيسى بن مريم: مال الخالص من العمل؟ قال: مالا تحب أن يحمدك الناس عليه، قال: فما النصوح لله؟ قال: أن تبدأ بحق الله قبل حقوق الناس، وإن عرض لك أمران، أحدهما لله عز وجل، وألاخر للدنيا، بدأت بحق الله تبارك وتعالى.

وفي غيره: من المخلص لله؟ قال: الذي يعمل ... الحديث، وفي آخره: وإذا عرض له أمران، أمر الدنيا وأمر الآخرة، بدأ بأمر الآخرة ثم تفرغ لأمر الدنيا بعد.

وقال عيسى: العمل الصالح الذي لا تحب أن يحمك الناس عليه.

وقال عيسى علسه السلام: لا يجد أحدٌ حقيقة الإيمان حتى لا يحب أن يحمد على طاعة الله عز وجل.

وعن هلال بن يساف قال: قال عيسى بن مريم عليهما السلام: إذا كان يوم يصوم أحدكم فليدهن لحيته ويمسح شفتيه ويخرج إلى الناس حتى كأنه ليس بصائم، وإذا أعطى بيمينه فليخفه من شماله، وإذا صلى أحدكم فليدل ستر بابه - يعني يرخيه - فإن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015