أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: يا عيسى لو رأت عيناك ما أعددت لعبادي الصالحين لذاب قلبك، وزهقت نفسك اشتياقاً إليه.
قال مالك بن دينار: قالوا لعيسى بن مريم: يا روح الله! ألا نبني لك بيتاً؟ قال: ابنوه على شاطئ البحر، قالوا: إذن يجيء الماء فيذهب به! قال: أين تريدون؟ تبنون لي على القنطرة؟.
قيل لعيسى: لو اتخذت بيتاً، قال: يكفينا خلقان من كان قبلنا.
قال ميسرة: ما بنى عيسى بيتاً، فقيل له: ألا تبني؟ فقال: لا أترك بعدي شيئاً من الدنيا أذكر به.
وعن أبي سلمان قال: بينما عيسى يمشي في يومٍ صائف، وقد مشه الحر والشمس والعطش، فجلس في ظل خيمة، فخرج إليه صاحب الخيمة فقال: يا عبد الله، قم من ظلنا، فقام عيسى فجلس في الشمس وقال: ليس أنت الذي أقمتني، إنما أقامني الذي لم يرد أن أصيب من الدنيا شيئاً.
دخل عيسى بن مريم ذات يوم خربةً فمطرت السماء، فنظر إلى ثعلب قد أقبل مستذفراً بذنبه حتى دخل جحره فقال: الحمد لله الذي جعل لكل شيءٍ مأوى إلا عيسى بن مريم لا مأوى له، فإذا هو بصوت: يا بن مريم، ادخل الفج، فدخل الفج فإذا هو برجلٍ قائمٍ يصلي، فأقام عنده ثمانية عشر يوماً ينتظره لينفتل من صلاته فيكلمه، فلما انفتل قال له: يا عبد الله! ما الذي أذنبت؟ فأقبل العابد على البكاء وقال: يا روح الله، أذنبت ذنباً عظيماً، قال: وما هو؟ قال: قلت يوماً لشيءٍ كان: يا ليته لم يكن.
قال المعتمر بن سليمان التيمي: خرج عيسى على أصحابه وعليه جبةٌ من صوف وكساءٌ وتبان حافياً باكياً شعثاً،