مصفر اللون من الجوع، يابس الشفتين من العطش فقال: السلام عليكم يا بني إسرائيل، أنا الذي أنزلت الدنيا منزلتها بإذن الله، ولا عجب ولا فخر، أتدرون أين بيتي؟ قالوا: أين بيتك يا روح الله؟ قال: بيتي المساجد، وطيبي الماء، وإدامي الجوع، وسراجي القمر بالليل، وصلاتي في الشتاء مشارق الشمس، وريحاني بقول الأرض، ولباسي الصوف وشعاري خوف رب العزة، وجلسائي الزمنى والمساكين، أصبح وليس لي شيء، وأمسي وليس لي شيء، وأنا طيب النفس، غني مكثر، فمن أغنى مني وأربح!؟.

قال محمد بن سباع النميري:

بينما عيسى بن مريم يسيح في بعض بلاد الشام إذ اشتد به المطر والرعد والبرق، فجعل يطلب شيئاً يلجأ إليه، فرفعت له خيمةٌ من بعيد، فأتاها، فإذا فيها امرأة! فحاد عنها، فإذا هو بكهفٍ في جبل، فأتاه فإذا في الكهف أسد، فوضع يده عليه ثم قال: إلهي! جعلت لكل شيءٍ مأوى، ولم تجعل لي مأوى، فأجابه الجليل تعالى: مأواك عندي في مشتقر من رحمتي لأزوجنك يوم القيامة مئة حوراء خلقاء بيدي، ولأطعمن في عرسك أربعة آلاف عام، يومٌ منها كعمر الدنيا، وآمرن منادياً ينادري: أين الزهاد في دار الدنيا زوروا عرس الزاهد عيسى بن مريم.

وعن أبي رافع قال: رفع عيسى بن مريم وعليه مدرعة وخفا راعٍ، وخذافةٌ يخذف بها الطير.

وفي رواية: ما ترك عيسى بن مريم حين رفع إلا مدرعة صوف، وخفي راعٍ، وقذافةٌ يقذف بها الطير.

وعن سفيان بن عيينة قال: قال عيسى بن مريم: يا معشر الحواريين، كما ترك لكم الملوك الحكمة فكذلك اتركوا لهم الدنيا.

وعن مالك بن دينار قال: قال عيسى بن مريم: معاشر الحواريين إن خشية الله وحب الفردوس تورثان الصبر على المشقة، وتباعدان من زهرة الدنيا، وفي رواية: وتبعدان العبد من راحة الدنيا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015