أهل بلدنا بِالصّدقِ وَالْحِفْظ قبلنَا حَدِيثه، وَمن عرف مِنْهُم بالغلط رددنا حَدِيثه، وَمَا حابينا أحدا وَلَا حملنَا عَلَيْهِ.
وأملى علينا، قَالَ: هَانِيء بن هَانِيء: لَا يعرف، وَأَبُو قلَابَة لم ير بِلَالًا قطّ، وَلَا نعلم عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رأى بِلَالًا قطّ، عبد الرَّحْمَن بِالْكُوفَةِ وبلال بِالشَّام، وَبَعْضهمْ يدْخل بَينه وَبَين عبد الرَّحْمَن رجلا لَا نعرفه وَلَيْسَ يقبله أهل الحَدِيث، وَكَانَ مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عِنْدهم حَافِظًا.
وَقَالَ الرّبيع: قَالَ الشَّافِعِي: وَمن حدث عَن كَذَّاب لم يبرأ من الْكَذِب، وَلَا يقبل الْخَبَر إِلَّا مِمَّن عرف بالاستئهال لِأَن يقبل خَبره، وَلم يُكَلف الله أحدا أَن يَأْخُذ دينه عَمَّن لَا يعرف، وَمن كثر غلطه من الْمُحدثين وَلم يكن لَهُ أصل كتاب صَحِيح لم يقبل حَدِيثه، كَمَا يكون من كثر غلطه فِي الشَّهَادَة لم تقبل شَهَادَته.
وَقَالَ الْمُزنِيّ: قَالَ الشَّافِعِي: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج، وَحَدثُوا عني وَلَا تكذبوا عَليّ ".
قَالَ: مَعْنَاهُ أَن الحَدِيث إِذا حدثت بِهِ فأديته على مَا سَمِعت، حَقًا كَانَ أَو غير حق لم يكن عَلَيْك حرج. والْحَدِيث عَن الرَّسُول لَا يَنْبَغِي أَن يحدث بِهِ ثِقَة إِلَّا عَن ثِقَة، وَقد قيل: " من حدث حَدِيثا وَهُوَ يرى أَنه كذب، فَهُوَ أحد الْكَاذِبين ". قَالَ: إِذا حدثت بِالْحَدِيثِ فَيكون عنْدك كذبا، ثمَّ تحدث بِهِ فَأَنت أحد الْكَاذِبين فِي المأثم.
وَقَالَ يُونُس بن عبد الْأَعْلَى: قَالَ لي الشَّافِعِي: الأَصْل قُرْآن أَو سنة، فَإِن لم يكن فَقِيَاس عَلَيْهِمَا، وَإِذا اتَّصل الحَدِيث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصَحَّ الْإِسْنَاد فِيهِ فَهُوَ سنة، وَالْإِجْمَاع أَكثر من خبر الْمُنْفَرد، والْحَدِيث على ظَاهره، فَإِذا احْتمل الحَدِيث مَعَاني فَمَا أشبه مِنْهَا ظَاهره [كَانَ] أولاها بِهِ، وَإِذا تكافأت الْأَحَادِيث فأصحها إِسْنَادًا أولاها، وَلَيْسَ الْمُنْقَطع بِشَيْء مَا عدا مُنْقَطع ابْن الْمسيب.
وَقَالَ الرّبيع: مَاتَ الشَّافِعِي سنة 204 فِي آخر يَوْم من شهر رَجَب يَوْم الْجُمُعَة، وَهُوَ ابْن نَيف وَخمسين سنة.