ضررهم جَازَ بِلَا خلاف مثل قتل الصَّائِل لدفع صوله وَقتل الْكَلْب الْعَقُور الَّذِي يخَاف من ضَرَره فِي الْمُسْتَقْبل وَقتل الفواسق الْخمس فِي الْحل وَالْحرم

وَأما إِن كَانَ على وَجه الاقتصاص مثل أَن يظلم صبي صَبيا أَو مَجْنُون مَجْنُونا أَو بَهِيمَة بَهِيمَة فيقتص للمظلوم من الظَّالِم وَإِن لم يكن فِي ذَلِك زجر عَن الْمُسْتَقْبل لَكِن لِاسْتِيفَاء الْمَظْلُوم وَأخذ حَقه فَهَذَا الَّذِي جَاءَ فِيهِ حَدِيث الاقتصاص للجماء من القرناء كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتؤدى الْحُقُوق إِلَى أَهلهَا حَتَّى يسْتَوْفى للجماء من القرناء وَهَذَا مُوَافق لأصول الشَّرِيعَة فَإِن الْقصاص بَين غير الْمُكَلّفين ثَابت فِي الْأَمْوَال بِاتِّفَاق الْمُسلمين فَمن أتلف مِنْهُم مَالا أَو غصب مَالا أَخذ من مَاله مثله سَوَاء فِي ذَلِك الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَالنَّاسِي والمخطىء وَكَذَلِكَ فِي النُّفُوس فَإِن الله تَعَالَى أوجب دِيَة الْخَطَأ وَهِي من أَنْوَاع الْقصاص بِحَسب الْإِمْكَان فَإِن الْقود لم يُمكن إِيجَابه لِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا مِمَّن فعل الْمحرم وَهَؤُلَاء لَيْسُوا مكلفين بِالتَّحْرِيمِ بِخِلَاف مَا كَانَ من بَاب دفع الظُّلم وَأخذ الْحق فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط فِيهِ الْإِثْم وَلِهَذَا نُقَاتِل الْبُغَاة وَإِن كَانُوا متأولين مغفورا لَهُم ويجلد شَارِب النَّبِيذ وَإِن كَانَ متأولا مغفورا لَهُ

فَتبين بذلك أَن الظُّلم والعدوان يُؤدى فِيهِ حق الْمَظْلُوم مَعَ الْإِثْم والتكليف وَمَعَ عدم ذَلِك فَإِنَّهُ من بَاب الْعدْل الَّذِي كتبه الله تَعَالَى على نَفسه وَحرم الظُّلم على نَفسه وَجعله محرما بَين عباده

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

دَار التَّكْلِيف

فالدنيا دَار تَكْلِيف بِلَا خلاف وَكَذَلِكَ البرزخ وعرصة الْقِيَامَة وَإِنَّمَا يَنْقَطِع التَّكْلِيف بِدُخُول دَار الْجَزَاء وَهِي الْجنَّة أَو النَّار كَمَا صرح بذلك من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015