فَأخْبر سُبْحَانَهُ أَنه استخرج ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم لِئَلَّا يَقُولُوا أتهلكم بِمَا فعل المبطلون فَعلم أَنه لَا يعاقبهم بذنب غَيرهم

وَأما البهاذم فعامة الْمُسلمين على أَنه لَا عِقَاب عَلَيْهَا إِلَّا مَا يحْكى عَن التناسخية بِأَنَّهُم مكلفون فيستحقون الْعقَاب وَهَذَا نَظِير قَول من يَقُول لَا تحْشر لَكِن هُنَا

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَهُوَ مَا يشرع فِي الدُّنْيَا من عُقُوبَة الصّبيان والجانين والبهاذم على الذُّنُوب مثل ضرب الصَّبِي عَليّ ترك الصَّلَاة لعشر وَمَا يَفْعَله من قَبِيح وَكَذَلِكَ ضرب الْمَجْنُون لكف عدوانه وَضرب البهاذم حضا على الِانْتِفَاع بهَا كالسوق ودفعا لمضرتها كفتل صاذلها وَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث أَنه يتقص فِي الآخر للجماء من القرناء فَهَذِهِ الْأُمُور عقوبات لغير الْمُكَلّفين وَهِي نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا كَانَ عُقُوبَة فِي الدُّنْيَا لمصْلحَة وَالثَّانِي مَا كَانَ لأجل حق غَيره

فَأَما النَّوْع الأول فمشروع فِي حق الصَّبِي وَالْمَجْنُون فانه يضْرب الصَّبِي على ترك الصَّلَاة ليفعلها ويعتادها وَيضْرب الْمَجْنُون إِذا أَخذ يُؤْذِي نَفسه ليكف عَن إِيذَاء نَفسه وَيجوز أَيْضا مثل هَذَا فِي حق الْبَهَائِم أَن تضرب لمصلحتها وَهَذَا غير الضَّرْب لحق الْغَيْر وَذَلِكَ أَن الْعقُوبَة لمَنْفَعَة المعاقب هِيَ بِمَنْزِلَة يقى الدَّوَاء للْمَرِيض فان الْمَطْلُوب دفع مَا هُوَ أعظم مضرَّة من الدَّوَاء

النَّوْع الثَّانِي الْعقُوبَة لأجل حق الْغَيْر وَهَذَا قِسْمَانِ

قسم لَا ستيفاء الْمُبَاحَة مِنْهُ كذبح البهاذم للْأَكْل وضربها للمشي فَإِن مَالا يتم الْمُبَاح إِلَّا بِهِ فَهُوَ مُبَاح

وَالْقسم الثَّانِي الْعقُوبَة لأجل الْعدوان عَليّ الْغَيْر مثل قتل الصَّائِل من الْمُحَاربين والبهائم وَضرب الجانين وَالصبيان والبهائم إِذا اعْتدى بَعضهم عَليّ بعض أَو اعتدوا على الْعُقَلَاء فِي أنفسهم وَأَمْوَالهمْ فَهَذَا النَّوْع إِن كَانَ لدفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015