صرح من أَصْحَابنَا وَغَيرهم مستدلين بامتحان مُنكر وتكبير للنَّاس فِي قبرهم وفتنتهم إيَّاهُم وَبَان النَّاس يَوْم الْقِيَامَة يدعونَ إِلَى السُّجُود فَمنهمْ من يَسْتَطِيع وَمِنْهُم لَا يَسْتَطِيع وَبِأَن من لم يُكَلف فِي الدُّنْيَا يُكَلف فِي عرصات الْقِيَامَة
وَهَذَا ظَاهر الْمُنَاسبَة فَإِن دَار الْجَزَاء لَا امتحان فِيهَا وَأما الإمتحان قبل دَار الْجَزَاء فممكن لَا مَحْذُور فِيهَا والامتحان فِي البرزخ لمن كَانَ مُكَلّفا فِي الدُّنْيَا إِلَّا النَّبِيين ففيهم قَولَانِ لِأَصْحَابِنَا وَغَيرهم وَأما امتحان غير الْمُكَلّفين فِي الدُّنْيَا كالصبيان والمجانين ففيهم قَولَانِ لِأَصْحَابِنَا وَغَيرهم
أَحدهمَا لَا يمْتَحنُونَ وعَلى هَذَا فَلَا يلقنون وَهَذَا قَول القَاضِي وَابْن عقيل
وَالثَّانِي يمْتَحنُونَ فِي قُبُورهم ويلقنون وَهُوَ قَول أَكْثَرهم حَكَاهُ ابْن عَبدُوس عَن الْأَصْحَاب وذركه أَبُو حَكِيم وَغَيره وَهُوَ أصح كَمَا ثَبت عَن أبي هُرَيْرَة وروى مَرْفُوعا أَنه صلى على طِفْل لم يعْمل خَطِيئَة قطّ فَقَالَ اللَّهُمَّ قه عَذَاب الْقَبْر وفتنة الْقَبْر
وَهَذَا الِاخْتِلَاف فِي امتحانهم فِي البرزخ يشبه الِاخْتِلَاف فِي امتحانهم فِي الْعَرَصَة وَقَول من يَقُول بامتحانهم أقرب إِلَى النُّصُوص وَالْقِيَاس من قَول من يَقُول يعاقبون بِلَا امتحان
الْمَسْأَلَة السَّادِسَة أَن غير الْمُكَلف قد يرحم فَإِن أَطْفَال الْمُؤمنِينَ مَعَ آبَائِهِم فِي الْجنَّة كَمَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة وكما فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ احتجت الْجنَّة وَالنَّار فَقَالَت الْجنَّة لَا يدخلني الضُّعَفَاء وَالْمَسَاكِين وَقَالَت النَّار يدخلني الجبارون والمتكبرون فَقَالَ الله للجنة إِنَّمَا أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من شِئْت وَقَالَ للنار إِنَّمَا أَنْت عَذَابي أعذب بك من شِئْت وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا فَأَما النَّار فَلَا يزَال يلقى فِيهَا وَتقول هَل من مزِيد