كان أبو الحسن أولاً معتزلياً أخذ عن أبي الجبائي، ثم نابذه ورد عليه، وصار متكلما للسنة، ووافق أئمة الحديث في جمهور ما يقولونه، وهو ما سقناه عنه من أنه نقل إجماعهم على ذلك وأنه موافقهم. وكان يتوقد ذكاء، أخذ علم الأثر عن الحافظ زكريا الساجي. وتوفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وله أربع وستون سنة رحمه الله تعالى.
فلو انتهى أصحابنا المتكلمون إلى مقالة أبي الحسن هذه ولزموها لأحسنوا، ولكنهم خاضوا كخوض حكماء الأوائل في الأشياء، ومشوا خلف المنطق، فلاقوه إلا بالله.
278- التبيين "129".
279- فيه إشارة إلى أنه خالف أئمة الحديث في بعض أقوالهم، وأشار إلى ذلك ابن عساكر أيضا في قوله السابق: "يوافقه في أكثر ما يذهب إليه أكابر العباد".
وقد صرح بذلك بعض العلماء، فقال أبو العباس المعروف بقاضي العسكر -وكان من أكبر أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه-:
"وقد أخذ عامة أصحاب الشافعي بما استقر عليه مذهب أبي الحسن الأشعري، إلا أن بعض أصحابنا من أهل السنة والجماعة خطأ أبا الحسن الأشعري في بعض المسائل مثل قوله "التكوين والمكون واحد ونحوها". التبيين "ص139-140".
قلت: ولعل من ذلك قوله:
"الاستواء صفة من صفاته تعالى وفعل فعله في العرش يسمى الاستواء"! التبيين "ص150".
121- علي بن عيسى الشبلي "247-334"
دخل أبو بكر الشبلي رحمه الله دار المرضى ليعالج، فدخل عليه الوزير علي بن عيسى عائداً، فقال الشبلي: ما فعل ربك؟ قال: الرب عز وجل في السماء يقضي ويمضي، فقال: سألت عن الرب الذي تعبده -يريد الخليفة المقتدر "لا عن الرب الذي لا تعبده"- فقال الوزير لبعض جلسائه: ناظره، فقال له الرجل: