أو رجل وامرأتان. وأما إغضابه إياها فلم يتحقق منه، إذ الإغضاب إنما هو جعل أحد غضبانا بالفعل أو القول قصدا، وكيف يقصد الصديق إغضاب تلك البضعة الطاهرة وقد كان يقول لها مرارا «والله با ابنة رسول الله إن قرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي» وليس الوعيد على غضبها، كيف لا وقد غضبت على الأمير زوجها مرارا كغضبها يوم سمعت بخطبة الأمير بنت أبي جهل لنفسه حتى أتت أباها - صلى الله عليه وسلم - باكية فخطب إذ ذاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال «ألا إن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويربيني ما رأبها، فمن أغضبها أغضبني». (?) وكغضبها يوم ذهب الأمير إلى المسجد ونام على التراب ولذلك لقب بأبي تراب، فقد أتاها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال لها: أين ابن عمك؟ قالت: غاضبني فخرج ولم يقل عندي. (?)
ومع ذلك فقد ثبت عند الفريقين أن غضب فاطمة قد شق على الصديق حتى رضيت عنه، فقد روى صاحب (محجاج السالكين) وغيره من الإمامية أن أبا بكر لما رأى أن فاطمة انقبضت عنه وهجرته ولم يتكلم بعد ذلك في أمر فدك كبر ذلك عنده فأراد استرضاءها فأتاها فقال لها صدقت با ابنة رسول الله فيما ادعيت، ولكني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسمها فيعطي الفقراء والمساكين وابن السبيل بعد أن يؤتي منها قوتكم والصانعين بها. فقالت: افعل فيها كما كان أبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل فيها. فقال: ولك الله على أن افعل ما كان يفعل ابوك. فقالت: والله لتفعلن؟ فقال: والله لفعلن ذلك. فقال: اللهم اشهد. فرضيت بذلك وأخذت العهد عليه. وكان أبو بكر يعطيهم منها قوتهم ويقسم الباقي على من ذكر. انتهى والله الهادي للصواب. (?)
ومنها أن أبا بكر ما كان يعلم بعض المسائل الشرعية، فقد أمر بقطع يد السارق اليسرى، وأحرق لوطيا، ولم يعلم مسألة الجدة والكلالة، فلا يكون لائقا للإمامة إذ العلم بالأحكام الشرعية من شروط الإمامة بإجماع الفريقين. (?)
الجواب عن الأمر الأول أن قطع يد السارق اليسرى في السرقة الثالثة موافق للحكم الشرعي. فقد روى الإمام محيي السنة البغوي في (شرح السنة) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حق السارق «إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده،