ولم يورثوهم مما ترك - صلى الله عليه وسلم -، وكذا لم يورثوا أمهات المؤمنين. (?)

وأما قوله تعالى {ورث سليمان داود} (?) فالمراد النبوة. فقد روى الكليني عن أبي عبد الله «أن سليمان ورث داود وأن محمدا ورث سليمان»، (?) فقد علم أن هذه وراثة العلم والنبوة، وإلا فوراثة نبينا مال سليمان لا يتصور لا شرعا ولا عقلا، ولو كان المراد وراثة سليمان مال داود فما وجه تخصيصه بالذكر مع أنه كان لداود - عليه السلام - تسعة عشر ابنا (?) بإجماع المؤرخين، وعلى ما ذكرنا يحمل قوله تعالى {يرثني ويرث من آل يعقوب} إذ لا يتصور أن يكون يحيى وراثا لجميع بني إسرائيل بل هو وارث زكريا فقط فما فائدة ذكر {ويرث} الخ. (?)

هذا وأما إبقاء الحجرات في أيدي الأزواج المطهرات فلأجل كونها مملوكة لهن لا لكونها ميراثا، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنى كل حجرة لزوجة من أزواجه ووهبها لهن فتحققت الهبة بالقبض وهي موجبة للملك كحجرة فاطمة وأسامة، ولذا أضاف الله تعالى البيوت لهن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله عز اسمه {وقرن في بيوتكن}.

ومنها قولهم أن أبا بكر لم يعط فاطمة رضي الله تعالى عنها فدكا (?) وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهبها لها ولم يسمع دعواها الهبة ولم يقبل شهادة علي (?) وأم أيمن (?) لها فغضبت فاطمة - رضي الله عنه - وهجرته، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حقها: (?) من أغضبها أغضبني. (?)

الجواب أن ليس له أصل عند أهل السنة، بل ذكر البخاري في رواية عروة بن الزبير (?) عن عائشة رضي الله عنها: طلبت فاطمة رضي الله عنها فدكا من أبي بكر لا بطريق دعوى الهبة بل بطريق الميراث، (?) وعلى تقدير تسليم روايتهم فإن الهبة لا تتحقق إلا بالقبض، ولا يصح الرجوع عنها بعد تصرف المتهب في الموهوب، ولم تكن فدك في عهده - صلى الله عليه وسلم - في تصرف فاطمة رضي الله عنها، بل كانت في يده - صلى الله عليه وسلم - يتصرف فيها تصرف المالك فلم يكذبها أبو بكر في دعوى الهبة ولكن بين لها أن الهبة لا تكون سببا للملك ما لم يتحقق القبض فلا حاجة حينئذ إلى شهود، وما زعموا أنه صدر من علي كرم الله تعالى وجهه وأم أيمن محض إخبار، وأبو بكر لم يقض، لا أنه لم يقبل شهادتهما. على انه لو لم يقبلها وردها لكان له وجه، فإن نصاب الشهادة في غير الحدود والقصاص رجلان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015