ثم إن سرق فاقطعوا رجله». (?) قال البغوي: اتفق أهل العلم على أن السارق أول مرة تقطع يده اليمنى، ثم إذا سرق ثانيا تقطع رجله اليسرى، ثم إذا سرق ثالثا تقطع يده اليسرى بناء على قول الأكثر، ثم إذا سرق رابعا تقطع رجله اليمنى ثم إذا سرق بعده يعزر ويحبس. والذى قطع أبو بكر يده اليسرى كان في المرة الثالثة فحكمه موافق لحكمة - صلى الله عليه وسلم -. (?)

والجواب عن الثاني أن الصديق لم يحرق أحدا في حال الحياة، لأن الرواية الصحيحة إنما جاءت عن سويد عن أبي ذر أنه أمر بلوطي فضربت عنقه ثم أمر به فأحرق، (?) وإحراق الميت لعبرة الناس جائز كالصلب، ولذلك فإن الميت لا تعذيب له بمثل هذه الأمور لعدم الحياة. وعلى فرض تسليم روايتهم فالذى يجيبون به عن إحراق علي بعض الزنادقة فهو جوابنا، وقد ثبت ذلك في كتبهم، فقد روى المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى في كتاب (تنزيه الأنبياء والأئمة) أن عليا أحرق رجلا أتى غلاما في دبره. (?)

والجواب عن الثالث أن هذا الطعن لا يوجب إلزام أهل السنة، إذ العلم بجميع الأحكام بالفعل ليس شرطا في الإمامة عندهم، بل الاجتهاد. ولما لم تكن النصوص مدونة في زمنه ولا روايات الأحاديث مشهورة في أيام خلافته استفسر من الصحابة. قال في (شرح التجريد) أما مسألة الجدة والكلالة فليست بدعا من المجتهدين، (?) إذ يبحثون عن مدارك الأحكام ويسألون من أحاط بها علما، ولهذا رجع علي في بيع أمهات الأولاد إلى قول عمر، (?) وذلك لا يدل على عدم علمه، بل هذا التفحص والتحقيق يدل على أن أبا بكر الصديق كان يراعي في أحكام الدين كمال الاحتياط ويعمل في قواعد الشريعة بشرائط الاهتمام التام. ولهذا لما أظهر المغيرة مسألة الجدة سأله: هل معك غيرك؟ (?) وإلا فليس التعدد شرطا في الرواية، فهذا الأمر في الحقيقة منقبه عظمى له. وقد روى عبد الله بن بشر أن عليا سئل عن مسألة فقال «لا علم لي بها». (?) جازى الله تعالى هذه الفرقة الضالة بعدله حيث يجعلون المنقبة منقصة.

فرصاص من أحببته ذهب كما ... ذهب الذي لم ترض عنه رصاص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015