على قول «إني لست بخير منكم» لفظ «أقيلوني أقيلوني» (?) فاعترض على هذا البهتان بأن أبا بكر قد استعفى عن الإمامة فلا يكون قابلا لها. (?)

والجواب - على فرض تسليمه - بما يجاب عما صح في كتب الشيعة من أن الأمير لم يكن يقبل الخلافة بعد شهادة عثمان إلا بعد أن كثر إلحاح المهاجرين والأنصار، (?) على أنه لو صح ذلك عن أبي بكر لكان دليلا على عدم طمعه وحبه للرياسة والإمامة بل إن الناس قد أجبروه على قبولها. (?)

ومنها أن أبا بكر لم يعط فاطمة رضي الله عنها من تركة أبيها - صلى الله عليه وسلم - حتى قالت: يا ابن قحافة أنت ترث أباك وأنا لا أرث أبي؟ (?) واحتج أبو بكر على عدم توريثها بما رواه هو فقط من قوله - صلى الله عليه وسلم - «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» مع أن هذا الخبر مخالف لصريح قوله تعالى {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} فإنه عام للنبي وغيره، ومخالف أيضا لقوله تعالى {وورث سليمان داود} وقوله تعالى {فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} (?)

وجوابه أن أبا بكر لم يمنع فاطمة من الإرث لعداوة وبغض، بدليل عدم توريثه الأزواج المطهرات حتى ابنته الصديقة، بل السبب في ذلك سماعه للحديث بأذنه منه - صلى الله عليه وسلم -، وقد روى علماء السنة هذا الحديث عن حذيفة بن اليمان والزبير بن العوام وأبي الدرداء وأبي هريرة والعباس وعلي وعثمان وعبد الرحمن ابن عوف وسعد بن أبي وقاص، فقولهم إن هذا الحديث رواه أبو بكر فقط غير مسلم عند أهل السنة. وروى الكليني في الكافي عن أبي البختري عن أبي عبد الله جعفر الصادق - عليه السلام - قال «إن العلماء ورثة الأنبياء لم يرثوا ولم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ بحظ وافر» (?) وكلمة «إنما» تفيد الحصر لما هو مسلم عندهم، فثبت المدعى برواية المعصوم عندهم.

أما كون هذا الحديث مخالفا للآيات فجهل عظيم، لأن الخطاب في {يوصيكم} لما عدا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا الخبر مبين لتعيين الخطاب لا مخصص، بل لو كان مخصصا للآية فأي ضرر فيه، فقد خصص من الآية الولد الكافر والرقيق والقاتل. ومما يدل على صحة هذا الخبر لدى أهل البيت أن تركة النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقعت في أيديهم أخرجوا العباس وأولاده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015