وإذا رفقت بنفسك رفقا زائدا فلم تحملها أبدا على ما تكره، فالنتيجة أنها تتميع، وتنحرف ولا تستقيم.
-فالنفس أيضا لابد فيها من مكابدة جهد ومشقة حتى تستقيم.
ولذلك من حكمة الله سبحانه وتعالى، أن الإنسان مثلا في مرحلة المراهقة تنشط الغدد والهرمونات وكذا، بحيث أنه يكون عنده رغبة وشهوة شديدة مثلا، وإن لم يكن حتى نضج من الناحية العقلية أو لم تنضج شخصيته بعد.
يعني عدم تيسر الزواج في هذا السن المبكر مع وجود هذا الدافع يقويه أم يضعفه؟
يقويه؛ لأنه يربيه على تأجيل الرغبات، تأجيلها وعدم استيفائها كلما سنحت له، وإنما هذا تدريب يقويه وليس يضعفه، يقويه على ماذا؟
على أنه ليس كلما اشتهى نال في الحال، فهذا يدربه على كبح جماح هذه النفس والتدرب على تأجيلها حتى يفرغ من تعليمه أو يشتغل أو يأتي بكذا أو كذا من متطلبات الزواج.
فمثل هذا لوضع فيه جهد ومشقة للنفس ولكنه يضعفه أم يقويه؟
يقويه، لأن مثل هذه المصلحة لا يمكن أن تتحقق لو أن الأمور فيها رخاوة وسعة، وإنما تأجيل استيفاء الشهوات يقويه ويعينه على كبحها إلى أن يأتي الوقت المناسب.
يقول: والنفس في ذلك كالجسم إذ رفقت بجسمك رفقا زائدا فلم تحمله جهدا خشية التعب، ولا مشقة خشية الإنهاك فالنتيجة أنه لا يقوى أبدا ولا يستقيم له عود.
وإذا رفقت بنفسك رفقا زائدا فلم تحملها أبدا على ما تكره، فالنتيجة أنها تتميع وتنحرف ولا تستقيم.