ألم يقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ» (?) ليس هكذا ليست هذه من الإسلام والإسلام قال «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ فَقَدْ كَفَرَ» الذي يجحد الإحسان الذي يحسن إليه ويقول: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)} (?) «الجزاء من جنس العمل» أبوك أسدى إليك شيء أنت لا يمكن تستطيع أن ترده، وهو أنه سبب في وجودك سبب في نعمة الحياة التي أكرمك الله بها، هو كان سبب ليس هو الذي يحييك لكن سبب، ونحن مع أنه مجرد سبب والخالق الحقيقي هو الله، لكن كما هو الشأن في الصور الأخرى من الإحسان التي يحسن فيها الإنسان إلى آخر فيقول له جزاء الله خيرًا أو يعترف بفضله ولا يجحده.

فنفس الشيء أبوك أو أمك هو السبب في وجودك للحياة، فكيف سترد هذا الجميل، ولذلك سنلاحظ في الشريعة الإسلامية الأبوان لهم مكانه هكذا يعني شبه مقدسة، الأبوان بالذات فحتى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الأبوين مينفعش استعمال الزجر، ممكن مع شخص آخر تقول يا يفاسق، يا عدو الله، يا عدو نفسي، تفعل كذا وكذا.

لكن مع الأب حتى لو يعمل نفس الشيء الذي هو فسق لا يصلح تكلمه بالعنف أو بالقسوة، وإنما فقط نمارس معه مرتبة التعريف والوعظ والنصح بالكلام اللطيف دون خشونة فضلاً، عن التغيير باليد عن طريق الضرب ونحو ذلك {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (?) مجردة كلمة {أُفٍّ} التي هي تعبير عن الضجر والتأفف {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (?) والله يكره للمسلم الذل، لكن الذل هنا النابع نابع من الشعور بالرحمة تجاه والديه فهذا يحبه الله التذلل للوالدين رحمة به من الرحمة {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} فتذكر كلمة {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015