يتصور بعض الناس أن التأديب يساوي العقاب أو أن العقاب يساوي الضرب لأ خطأ خطأ فادح، لكن التأديب يشمل الترغيب والترهيب، يشمل التعليم والتهذيب، يشمل التدريب يشمل التشجيع والتفسير، والتبرير، إلى آخره.
فالتأديب هو إدماج الطفل في مواصفات شخصية تتسم بالسلوك الحسن وتقوم سلوكه غير السوي، أما العقاب فيعد جزءًا هامشيًا في عملية التأديب، وعابرًا لدى الآباء والأمهات، ولا يلجأ إليه إلا في الحالات النادرة، وعند الحاجة، وفي سن محددة فقط، التأديب يشمل عنصرين هم التربية والإصلاح، المهمة الرئيسية للوالدين تربية أبنائهما تربية سليمة، وفق أسس علمية، ومتابعة نتائج هذه التربية بالرعاية والإصلاح، وتثبيت أصول الخير، ونوازعه، وإبعاد الشر وعواقبه، يعني مثل الزرع هو ليس الذي يزرع هذا بيمشي في خطواته في متابعة وإصلاح، هذا نفس الشيء كما يفعل الزارع مع الأرض التي راعيها ولا يتوقف عن رعايتها وتهذيبها وإصلاحها.
ورد في كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي في التأديب قول حكيم وشامل لمفهوم التأديب وماهيته حيث يقول مقدمة - اعلم أن النفس مجبولة على شيم مهملة، وأخلاق مرسلة، لا يستغني محمودها عن التأديب، ولا يكتفى بالمرضي منها عن التهذيب، لأن لمحمودها أضدادا، مقابلة، يسعدها هوى مطاع وشهوة غالبة، فإن أغفل تأديبها تفويضًا إلى العقل أو توكلاً على أن تنقاد إلى الأحسن بالطبع أعدمه التفويض، درك المجتهدين، وأعقبه التوكل ندم الخائبين، فصار من الأدب عاطلاً، وفي صورة الجهل داخلاً، لأن الأدب مكتسب بالتجربة، أو مستحسن بالعادة، ولكل قوم مواضعة، وكل ذلك لا ينال بتوقيف العقل، ولا بالانقياد بالطبع، حتى يكتسب بالتجربة والمعاناة ويستفاد بالدربة والمعاطاة ثم يكون العقل عليه قيما ولو كان العقل مستغنيًا عن الأدب، لكان أنبياء الله تعالى عن أدابه مستغنين، وبعقولهم