والحقيقة التى لا ريب فيها - أن المسيح لم يقصد انقلاباً ثورياً بتحقيق ما يجيش بخاطر اليهود من القومية اليهودية، ومع هذا جاءه الرؤساء والشعب يجربونه ليأخذوه بكلمة من فيه قائلين له: "قل لنا: ماذا تظن؟ أيجوز أن نعطي جزية لقيصر أم لا؟ فعلم يسوع خبثهم، وقال لهم: لماذا تجربونني يامراءون؟ أروني معاملة الجزية. فقدموا له ديناراً، فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟ قالوا له: لقيصر. فقال لهم: أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله".
وكان المسيح صديقاً للجميع، فاتخذ من اليهود موظفي الإمبراطورية الرومانية أصدقاء له مع كراهية بني قومهم لهم إذ "عشاراً اسمه لاوى جالساً عند مكان الجباية فقال له: اتبعني. فترك كل شيء، وقام وتبعه، وصنع له لاوى ضيافة كبيرة في بيته والذين كانوا متكئين معهم جميعاً كثيراً من عشارين وآخرين".
كما يبدو أن المسيح لم يكن يفكر في القضاء على الأغنياء أو الفقراء، لأن الفقراء معه، فهو كالأقدمين جميعاً يرى أن من الأمور المسلم بها أنه يجب على العبد أن يخدم سيده على خير وجه، كقوله: "طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا".
ومع هذا كله اجتمع السنهدرين في اليوم التالي، وأثبت عليه جريمة التجديف، وكان عقابها الإعدام، ورغبة منهم في إظهار الولاء للرومان قرر السنهدرين أن يساق المسيح أمام الحاكم الروماني الذي جاء إلى أوشليم ليرقب الجماهير المختلفة أثناء عيد الفصح،
وأمام ثورة اليهود العارمة تقدمت كلوديا زوجة الوالي الروماني بيلاطس تحذر زوجها بقولها: "إياك وذلك البار، لأني تألمت كثيراً في حلم من أجله".
وكان بيلاطس البنطي حاكماً قاسياً، فلم يهتم بشأن المسيح إذ سأله سؤالاً يكاد يكون من قبيل المداعبة: "أأنت ملك اليهود؟ فقال له يسوع: أنت تقول".
ولم يسمع بيلاطس وقد تيقن من براءة المسيح عليه السلام إلا أن يقول قوله