وهنا نقول إذا كان ابن مريم قد جاء (بكل الحق) فلا داعي إذن أن يبعث الله رسولاً آخر. وفي نبوة ابن مريم عن النبي الخاتم إن هذا النبي سيأتي بكل الحق. وإذا كان هذا النبي سيأتي بكل الحق فإنه سيكون ولا ريب آخر الأنبياء والمرسلين بل خاتم النبيين ولا تعقيب بعده.

لذلك فعلينا أن نبحث عن إنسان على نسق إبراهيم عليه السلام، ومن سلالته فننتظر ظهوره، هذا النبي لن يكون يهودياً ولن يكون نصرانياً ولكن مؤمناً حنيفاً على ملة أبيه إبراهيم، إن هذا النبي سيمجد المسيح بما هو أهله تأكيداً لقوله "ذاك يمجدني" (يوحنا 16: 14) .

والقرآن الكريم حافل بآيات الدفاع عن المسيح عيسى ابن مريم وأمه، ودفع عنه الشبهات بالحجة البالغة والاعتراف به عبداً لله ونبيه ورسوله أرسله إلى بني إسرائيل، وأيده بالإنجيل والروح القدس.

لقد كانت رسالة المسيح موحي بها من الله، لهذا واجه بني قومه قائلاً: "أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني" (يوحنا 7: 16) وقال: "لأني لم أتكلم من نفسي لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم" (يوحنا 12: 49) .

وكذلك تعاليم هذا النبي الآتي لابد ان تكون وحياً من الله، فضلاً عن أن تكون تصديقاً وتثبيتاً على الرسالات السابقة السماوية (التوراة والإنجيل) وهيمنة عليهما.

ومن ثم فإن رسالة النبي الخاتم لن تكون محض انتحال صورة طبق الأصل للتوراة والإنجيل، أو محض انتحال ملحض التوراة والإنجيل، حاشا ولن يكون كذلك.

فإن الله القادر على كل شيء أبان شخصية هذا النبي الخاتم في التوراة قائلاً: "وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به" (تثنية 18: 18) هذا فضلاً عن وجوب اتفاق هذه الكلمات مع كلمات الوحي للرسالات السماوية السابقة، لأنها ولا ريب من مصدر واحد هو الله الواحد الأحد، وفارق كبير بين الاتفاق والنقل. وقال الله تثبيتاً لما قاله على لسان موسى قال على لسان عيسى: "لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به" (يوحنا 16: 13) .

إن الإشارة المفردة في إنجيل يوحنا 14: 26 التي تتوخى شخصية النبي الآتي تقرر أنه (المعزي) "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015