إن المرء يلاحظ - بالرغم من أن حقبة زمنية خلت تقدر بآلاف السنين، وتعرض الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد إلى التدخل البشري الفادح في كتابته، مما أكثر اللبس في نصوصه، وبالرغم من هذا كله ظلت حقائق بعث الأنبياء إلى أقوامهم موسى وعيسى ثم ظهور محمد رسولاً نبياً للعالمين كافة، هذه الحقائق ظلت دون أن تمسسها يد بشر بتغيير أو تحوير أو تحريف تصف الشخصيات الثلاثة موسى - عيسى - محمد في تنزيل الوحي وصفاً واحداً مماثلاً، وهو أنهم تلقوا وحياً من الله سبحانه وتعالى.

وبناء عليه فإن التوراة الصلية والإنجيل الأصلي والقرآن الكريم كلها من نبع واحد هو الله. وتكشف حقيقة واحدة هي الحياة الأبدية.

لا يمكن إغفال ما قاله المسيح عيسى ابن مريم عن مقتضيات نادرة للنبي الخاتم، مما يساعد على تشخيص ذاتيته إذ قال: "ذاك يمجدني" (يوحنا 16: 14) ولعل هذا ما قصده يوحنا في رسالته إذ قال: "بهذا تعرفون روح الله، كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله" (رسالة يوحنا الأولى 4: 2) - فإذا جاء إنسان ما، وادعى أنه ذلك النبي، ولا يعطي مجداً للمسيح عيسى ابن مريم كنبي، ومسيح الرب فإنه سيكون نبياً كاذباً، هكذا قال يوحنا في رسالته: "وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله" رسالة يوحنا الأولى 4: 3.

وجاء العهد الجديد ولا سيما في الأناجيل صيحة صارخة من الإسرائيليين الذين رفضوا المسيح عيسى ابن مريم كما قال بيلاطس الوالي الروماني عنهم وقتئذ: "أسلموه حسداً" (متى 27: 18) بلغت صلافتهم أن قالوا "دمه علينا وعلى أولادنا" (متى 27: 25) .

إن هذا النبي الآتي لن يكون من شيعة النصارى، والدليل على ذلك ما قاله لتلاميذه بصريح العبارة: "فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به" (يوحنا 16: 13) بل زاد إيضاحاً فأنبأ بأن هذا النبي المنتظر سيرشد إلى حقائق لم يبلغها المسيح عيسى ابن مريم ذاته فقال: "ويخبركم بأمور آتية" (يوحنا 16: 13) والقرآن الكريم هو الآية الخالدة إلى أن تقوم الساعة، إنه الإعجاز البياني، والإعجاز العلمي، والمضمون لحقائق ما وصل إليه الإنسان في عصرنا من كشف علمي وما سيصل إليه الإنسان من كشوف علمية، فلا جديد تحت شمس القرآن الكريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015